X

تابعونا على فيسبوك

وجهات نظر عبر العالم... "قمة القدس" تشيد بجهود جلالة الملك في الدفاع عن المقدسات.. و"العدوان الثلاثي" على سوريا يثير الكثير من التساؤلات

الاثنين 23 أبريل 2018 - 14:04

بقلم: فهد صديق

في ظل ما يعيشه العالم العربي اليوم من تمزق وإضطرابات سياسية وإقليمية، جاءت القمة التاسعة والعشرين بمدينة الظهران شرقي المملكة العربية السعودية والتي حملت تسمية "قمة القدس"، وعرفت مشاركة العديد من الدول العربية من بينها المغرب وكذا مسؤولين دوليين؛ لإيجاد حلول فعلية للقضايا والأزمات العالقة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، والأوضاع في ليبيا واليمن وسوريا خاصة بعد الضرابات الغربية الأخيرة، والتدخلات الإيرانية، إضافة إلى مكافحة "الإرهاب"...

كيف كانت مشاركة المغرب في "قمة الظهران"؟ وهل حققت المملكة أهدافها؟ وما هي أبرز مخرجات القمة العربية؟ وما رد فعل القادة العرب بعد الهجوم الثلاثي على سوريا؟.

"قمة الظهران".. تنويه بدور المملكة في خدمة القضايا العربية

 شارك المغرب ممثلا بالأمير مولاي رشيد، في أشغال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في دورته العادية الـ 29 بمدينة الظهران السعودية، والتي شهدت حضور عدد كبير من مسؤولي المنظمات والتجمعات الإقليمية والدولية في طليعتهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، بالإضافة إلى رئيس مفوضية الإتحاد الإفريقي موسى فكي، والممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للإتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني، والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يوسف بن أحمد العثيمين، ورئيس البرلمان العربي مشعل السلمي؛ وخلال هذه القمة نوه الحاضرون بدور المغرب في خدمة القضايا العربية، بفضل مصداقية ودور ورؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس، للعمل العربي المشترك.

وفي هذا السياق، أوضح وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ناصر بوريطة، أن قرارات القمة تضمنت إشادة بدور الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس في دعم صمود المقدسيين وفي العمل الميداني الذي تضطلع به وكالة بيت مال القدس من خلال تقديم خدمات اقتصادية واجتماعية لفائدة المقدسيين.

وأضاف بوريطة أن قمة الظهران أشادت كذلك بالدور المغربي في الملف الليبي من خلال التأكيد على أن اتفاق الصخيرات هو المرجعية لأي حل سياسي للأزمة السياسية في ليبيا. مشيرا إلى أن أشغال هذه القمة طبعها إجماع على ضرورة إعادة صياغة محددات الأمن القومي العربي في ظل المتغيرات التي يشهدها المحيط الإقليمي والعربي، مبرزا ضرورة تحيين محددات ومفاتيح الأمن القومي العربي بما يراعي التغيرات الداخلية في البلدان العربية والتدخلات الأجنبية في القضايا العربية.

وشدد الدبلوماسي المغربي على أهمية إدراج العنصر الإقتصادي ضمن محددات الأمن القومي، مذكرا بتأكيد جلالة الملك في خطاباته على أهمية هذا العنصر من أجل إقامة هذا النظام العربي الجديد، الذي يتعين، أن يتأسس على القيم والمصالح المشتركة، وينبني على المشاريع والرؤى المشتركة.

بدوره، أشاد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بجهود الملك محمد السادس، في دعم صمود المقدسيين في وجه سياسة الإحتلال الإسرائيلي الرامية إلى تهويد المدينة المقدسة وطمس معالمها العربية والإسلامية.

وأعرب "أبو مازن"، عن شكره وامتنانه لجلالة الملك عن الجهود التي يقودها، بصفته رئيس لجنة القدس، وكذا عن الجهود الميدانية التي تضطلع بها وكالة بيت مال القدس، خاصة في ظل الهجمة الإستيطانية الغير مسبوقة التي تعرض لها القدس الشريف.

واعتبر المحلل السياسي حفيظ الزهري، أن المغرب حقق نوعا من أهدافه المتوخاة في قمة الجامعة العربية المنعقدة بالسعودية.

وأشار الزهري، إلى أن "دعوة البيان الختامي للقمة العربية، إلى حسن الجوار بين الدول العربية، هي رسالة ليست موجهة للمغرب بقدر ما هي موجهة للجزائر..". مؤكدا على أن هذه "الدعوة هي إشارة من الجامعة العربية بأن هناك خللا ما يجب معالجته في علاقات الجوار بين الأشقاء، وهذه دعوة للجزائر لإعادة النظر في علاقتهم بالمغرب".

المغرب والوضع في الشرق الأوسط..

غداة انطلاق القمة العربية الـ29 بالظهران، شنت الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا ضربات جوية استهدفت عدة مواقع للنظام السوري، ردا على اتهامه باستخدام سلاح كيميائي في دوما؛ وهو ما أدانته المملكة المغربية معربة عن أسفها لتدهور الوضع في الشرق الأوسط.

وفي هذا الإطار، أكدت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي في بلاغ لها، أن المغرب الذي احترم دوما القانون الدولي، لا يمكنه إلا أن يدين، بشكل واضح، اللجوء إلى الأسلحة الكيماوية، وخاصة ضد سكان مدنيين أبرياء، مضيفة أن "تجارب الماضي علمتنا أن الخيارات العسكرية، بما فيها الضربات الجوية، سواء المبررة أو المحدودة، لا تعمل إلا على تعقيد الحلول السياسية، وتعميق معاناة الضحايا المدنيين وزيادة تفاقم مشاعرهم تجاه الغرب".

واعتبرت الخارجية المغربية أن التوقيت الذي تم اختياره لهذا التصعيد عشية استحقاقات عربية مهمة، وغياب مشاورات ملائمة معتادة، قد تثير تساؤلات وسوء فهم وامتعاض لدى الرأي العام. موضحة أن تدبير النزاعات الدولية، بشكل مزدوج، باللجوء في بعض الحالات إلى الخيارات العسكرية المتسرعة، وفي حالات أخرى إلى معالجة وإلى شرعية دولية مفروضة، من شأنه أن يزيد من حدة التوترات الدولية.

وخلص البلاغ، إلى أن المملكة المغربية تعتبر أن حل الأزمة السورية لن يكون إلا سياسيا، وتأمل في أن يتغلب المنطق من أجل إيجاد مخرج للأزمة بما يمكن من الحفاظ على الوحدة الوطنية لهذا البلد، وكرامة سكانه، والمحاربة الفعالة ضد اللاتسامح والتطرف و"الإرهاب".

ومن هنا، يرى الشرقاوي الروداني، الباحث في الشؤون الأمنية والإستراتيجية، أن رد المملكة المغربية تجاه الضربات الغربية على سوريا، كان موقف تقدير براغماتي لما يقع في الشرق الأوسط برمتها.

وأكد الروداني، أن بلاغ وزارة الخارجية أدان اللجوء إلى الأسلحة الكيماوية ضد السكان المدنيين الأبرياء، مضيفا أن الخيارات العسكرية غالبا ما تعقد أكثر الحلول السياسية على اعتبار أن التحولات في منطقة الشرق الأوسط، اليوم خاصة الوضع الميدان في سوريا جد صعب، وهناك غابة من الخبايا الغير واضحة.

وأشار الخبير في التحليل الجيواستراتيجي، إلى أن هذا البلاغ، الذي هو في الصميم ويأتي على مرتكزات الدبلوماسية الخارجية المغربية المبنية على القيم والأخلاق وعلى الوحدة الترابية للدول؛ أكد بالملموس على دعوة العالم العربي إلى التضامن، وحل المشاكل السياسية فيما بين الدول العربية، وهو ما يحسب للمغرب في هذه الظروف التي تمر منها سوريا والأمة العربية. موضحا أن هذا التصعيد يأتي عشية استحقاقات عربية مهمة، وهذا الملف يتداول بشكل كبير في الجامعة العربية وكذا في قمة السعودية.

من جهتهم، شدد قادة الدول العربية المجتمعون بالظهران (شرق السعودية) في ختام قمتهم؛ على أنهم تابعوا ما قامت به القوة الغربية في سوريا، مؤكدين على ضرورة تكاثف كل الجهود للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية.

وأعرب القادة العرب، عن إدانتنهم" المطلقة لإستخدام السلاح الكيماوي ضد الشعب السوري الشقيق، مطالبين بتحقيق دولي مستقل يتضمن تطبيق القانون الدولي على كل من يثبت استخدامه السلاح الكيماوي". وكذا إدانة المماراسات الإسرائيلية في الجولان العربي السوري المحتل، والمتمثلة في الإستيلاء على الأراضي الزراعية ومصادرتها، ونهب الموارد الطبيعية ومنها الثروات الباطنية..، مؤكدين دعمهم ومساندتهم الحازمة لمطلب الجمهورية العربية السورية العادل وحقها في استعادة كامل الجولان المحتل إلى خط الرابع من يونيو 1967، استنادا إلى أسس عملية السلام، وقرارات الشرعية الدولية، والبناء على ما أنجز في إطار مؤتمر السلام الذي انطلق في مدريد عام 1991.

وشدد القادة المشاركون أيضا في إعلان "قمة القدس" على مركزية القضية الفلسطينية، وعلى "بطلان وعدم شرعية القرار الأمريكي بشأن الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل"، داعين إلى "أهمية تعزيز العمل العربي المشترك المبني على منهجية واضحة وأسس متينة تحمي أمتنا من الأخطار المحدقة بها وتصون الأمن والإستقرار". كما أعربوا عن مساندتهم لجهود التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن لإنهاء الأزمة على أساس المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية. 

وطالبوا المجتمع الدولي ب"ضرورة تشديد العقوبات على إيران وميليشياتها ومنعها من دعم الجماعات الإرهابية ومن تزويد ميليشيات الحوثي الإرهابية بالصواريخ البالستية الإيرانية التي يتم توجيهها من اليمن للمدن السعودية، والإمتثال للقرار الأممي رقم (2216) الذي يمنع توريد الأسلحة للحوثيين"، بما يؤمن استقلال اليمن ووحدته الترابية، مشددين كذلك على أهمية دعم المؤسسات الشرعية الليبية، وكذا دعم جهود التوصل إلى اتفاق ينهي الأزمة من خلال مصالحة وطنية وفقا لاتفاق "الصخيرات"، تحفظ وحدة ليبيا الترابية وتماسك نسيجها المجتمعي.

وبحسب خبراء ومحللين سياسيين، فإن القمة العربية الـ29 في الظهران بالسعودية، خرجت بقرارات وإجراءات مهمة من شأنها أن تضع النقاط فوق الحروف فيما يتعلق ببعض القضايا والأزمات العربية القائمة الآن، والحد من التدخلات المرفوضة في شؤون دول المنطقة العربية من قبل بعض الأطراف الإقليمية، لاسيما إيران التي تعمل وفق سيناريوهات مشبوهة، تستهدف زعزعة أمن واستقرار العالم العربي.

بينما استبعد آخرون، أن يذهب قادة الدول العربية أبعد من إعلانهم الأخير خلال قمتهم السنوية عن رفضهم لقرار واشنطن حيال القدس، نظرا لقلة الخيارات المتاحة لهم قبل شهر من موعد نقل السفارة الأمريكية إلى المدينة التي تقع في صلب أحد أطول الصراعات في الشرق الأسط.

وهو ما أكد عليه خبير العلاقات الدولية الفرنسي دوني بوشار، حين قال إن "القمم العربية غالبا ما تكون خطابية أكثر منها عملية، ولا أظن أن الأمر سيتخطى العامل الخطابي" بعد قمة الظهران. مشيرا إلى أنه "بالنسبة للسعودية، فإن الأولوية هي العلاقة مع واشنطن".

تباين المواقف الدولية حيال الهجوم الثلاثي على سوريا

 في رد قوي على إستخدام النظام السوري المفترض لأسلحة كيمائية في مدينة دوما بالغوطة الشرقية، والذي أودى بحياة عشرات الأشخاص الأبرياء؛ جندت القوى الغربية ممثلة في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا، طائراتها العسكرية ووجهت أكثر من 100 صاروخ ضد أهداف عسكرية ومدنية في سوريا، دون انتظار إجراء تحقيق دولي وهو ما أثار الشكوك حول الدوافع وراء العدوان الثلاثي، خصوصا مع الإنقسام الدولي حول الهجوم، الذي اعتبره البعض وسيلة حازمة لردع الأسد، فيما وجده آخرون انتهاكا لسيادة الدولة السورية.

وفي هذا الشأن، أكد الأمين العام للأمم المتحدة ​أنطونيو غوتيريس، أن "الضربات كانت محدودة في 3 مناطق عسكرية داخل سوريا"، داعيا إلى "الحفاظ على ضبط النفس في هذه الظروف الإستثنائية".

وقال غوتيريس: "أدعو كل الدول الأعضاء إلى ضبط النفس في ظروف خطرة وتجنب كل الأعمال التي يمكن أن تؤدي إلى تصعيد الوضع وتزيد من معاناة الشعب السوري". مذكرا بأن "سوريا تمثل أكبر تهديد للأمن والسلم الدوليين".

وذكر الإتحاد الأوروبي على لسان ممثلته العليا للسياسة الخارجية فيديريكا موغيريني، أنه كان على علم بالضربات الجوية التي استهدفت ما اعتبره "منشآت الأسلحة الكيميائية في سوريا".

وقالت موغيريني، إنه "تم إطلاع الإتحاد الأوروبي باستهداف الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لمنشآت كيميائية في سوريا، وهذه الإجراءات تم اتخاذها بهدف منع أي استخدام آخر للأسلحة الكيميائية من قبل النظام السوري لقتل شعبه". مؤكدة دعم الإتحاد لجميع الجهود الرامية لمنع استخدام الأسلحة الكيميائية.

أما فرنسا، فدافع رئيسها إيمانويل ماكرون، عن الضربات العسكرية على مواقع تابعة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، بالقول إن الدول الثلاث "تدخلت حفاظا على شرف الأسرة الدولية".

وأضاف ماكرون: "دعونا نضع مبادئنا نصب عيوننا ونتساءل أي طريق نريد أن نسلك، هذه الضربات لا تحل شيئا، لكنها تضع حدا لنظام اعتدنا عليه". مستشهدا بأولئك الذين كانوا يغضبون في كل مرة بسبب صور الأطفال والنساء، الذين قتلوا بسبب هجوم بالكلور يقع في سوريا.

في حين، أشارت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، إلى أن التحرك في سوريا "جاء لأجل مصلحتنا الوطنية وحتى لا يصبح استخدام الأسلحة الكيماوية أمرا طبيعيا في سوريا، أو داخل شوارع المملكة المتحدة، أو في أي مكان". موضحة أن "لندن لم تشارك في الضربات الثلاثية في سوريا امتثالا لأوامر الرئيس الأمريكي دونالد ترمب".

وشددت ماي، على وجود مؤشرات تؤكد "مسؤولية النظام السوري عن الهجوم الكيميائي في دوما". مردفة بالقول "الهجوم الكيماوي على دوما عار على الإنسانية، والنظام السوري استمر في استخدام الأسلحة الكيميائية ضد شعبه، بعد هجوم خان شيخون (في أبريل 2017)".

من جانبها، رحبت الخارجية التركية بالعدوان الثلاثي على سوريا، واعتبرته ردا مناسبا على الهجوم الكيميائي المزعوم في دوما بالغوطة الشرقية.

وقالت الخارجية التركية في بيان: "تركيا تعتبر العملية العسكرية التي نفذتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ضد النظام السوري ردا في محله.. نرحب بالعملية العسكرية التي ترجمت مشاعر الضمير الإنساني بأسره في مواجهة الهجوم الكيماوي على دوما"، بحسب تعبيرها.

في الجهة المقابلة، اعتبر الرئيس السوري بشار الأسد، أن الهجوم الصاروخي الثلاثي الذي شنته أمريكا وفرنسا وبريطانيا على سوريا بمثابة "عمل عدواني".

وقال الأسد، إن الهجوم "ترافق مع حملة تضليل وأكاذيب في مجلس الأمن من قبل نفس دول العدوان ضد سوريا وروسيا، ما يثبت مجددا أن البلدين يخوضان معركة واحدة ليس فقط ضد الإرهاب، بل من أجل حماية القانون الدولي القائم على احترام سيادة الدول وإرادة شعوبها".

كما نددت دول وجهات سياسية أخرى بالضربات الجوية الغربية، وفي مقدمتها روسيا التي أصدرت وزارة خارجيتها بيانا وصفت فيه الضربات الغربية بأنها "عدوان" يقوض جهود التسوية السياسية في سوريا. مضيفة أن موسكو ترى أن هدف الضربات هو عرقلة عمل مفتشي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في دوما بالغوطة الشرقية.

وقال الرئيس فلاديمير بوتين، إن بلاده تدين بأشد الطرق الهجوم على سوريا، ودعا إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي لمناقشته، مؤكدا أن "التصعيد الحالي في الموقف بشأن سوريا له تأثير مدمر على نظام العلاقات الدولية بأكمله".

ووصف مرشد الجمهورية الإيرانية آية الله علي خامنئي، الهجوم على سوريا ب"الجريمة"، مضيفا "أعلن بوضوح أن الرئيس الأمريكي ورئيس فرنسا ورئيسة الوزراء البريطانية مجرمون وقد ارتكبوا جريمة. كما أنهم تواجدوا خلال الأعوام الماضية في العراق، سوريا وأفغانستان وارتكبوا هذا النوع من الجرائم ولم يحققوا أية مكاسب".

وعلق الرئيس الإيراني حسن روحاني، على هذه الخطوة بالقول إن "الأمريكيين يريدون تبرير وجودهم في المنطقة بمثل هذه الهجمات، والتي لن تسفر إلا عن مزيد من الدمار".

بدورها، قالت وزارة الخارجية الصينية، إن الصين عارضت -ولا تزال- اللجوء إلى القوة في ما يتعلق بالعلاقات الدولية، وترى أن أي إجراء عسكري يتجاوز مجلس الأمن الدولي هو انتهاك للمبادئ والقواعد الأساسية للقانون الدولي. مضيفة أن التسوية السياسية هي السبيل الوحيد لحل الأزمة في سوريا.

وأوضحت المتحدثة باسم الخارجية الصينية هوا تشون ينغ، أن الضربات الجوية الأمريكية البريطانية الفرنسية على سوريا، تعد انتهاكا للمبدأ الأساسي للقانون الدولي حول عدم استخدام القوة العسكرية. مشيرة إلى أن تجاهل مجلس الأمن الدولي والتدخل الأحادي الجانب تحت ذرائع إنسانية في قضايا دول ثالثة، لا يتوافق أيضا مع القانون الدولي.

ويرى محللون سياسيون، أن الضربات العسكرية على سوريا ليس ضد نظام الأسد فحسب، وإنما هي موجهة ضد موسكو. وأكدوا أن ما تقوم به الولايات المتحدة وحلفائها الآن هو نوع من مراوغات الحرب الباردة ضد روسيا، للضغط عليها بطريقة غير مباشرة خاصة في ضوء التقدم الروسي في منطقة الشرق الأوسط.

بينما لفت الكاتب والمحلل السياسي حسام عرار، إلى أن الهدف من الضربات لم يكن "مسرحية الكيماوي" في دوما، التي ألفتها وأخرجتها الولايات المتحدة والإحتلال الإسرائيلي بالتحالف مع الجماعات المسلحة في الغوطة الشرقية؛ بل هي محاولة لمنع الجيش السوري من استكمال سيطرته على المناطق القريبة من الحدود الفاصلة بين سوريا والأراضي التي احتلتها "إسرائيل"، مؤكدا أنه كلما تقدم الجيش السوري، في هذه المناطق بالتحديد عاد الإحتلال وحلفائه إلى مسرحية الكيماوي من جديد.

مرة أخرى.. "ترامب" يستهدف "الأسد" وداعميه

 عندما أبلغ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن "هجوم دوما الكيميائي" في الغوطة الشرقية، لجأ كعادته إلى "تويتر" وسيلته المفضلة في التعبير عن مواقفه، مغردا بلغة حادة عن الأسد وداعميه الروس والإيرانيين، متعهدا بجعل نظامه يدفع "ثمنا باهظا" لإستخدامه أسلحة كيماوية؛ وهو ما قام به فعلا حين شكل تحالفا ثلاثيا مع بريطانيا وفرنسا، قبل أن يشن هجوما عسكريا عقابيا استعراضيا على بعض مواقع نظام الرئيس السوري، وذلك خلافا لما حدث العام الماضي عندما قاد ضربات عسكرية أحادية في سوريا، ردا كذلك على "الهجوم الكيميائي" في بلدة "خان شيخون"، والذي أودى هو الآخر بعشرات القتلى والجرحى.

وعقب الهجوم، أشاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالضربات الجوية التي نفذتها بلاده بالتعاون مع بريطانيا وفرنسا على سوريا، ووصفها بأنها "كانت منفذة بإحكام".

وقال ترامب: "ضربة منفذة بإحكام. شكرا لفرنسا وبريطانيا على حكمتهم وقوة جيوشهم. لا يمكن أن تحقق نتيجة أفضل من ذلك.. المهمة أنجزت".

من جهتها، قالت نيكي هايلي، مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، إن الضربات على سوريا "كانت مبررة ومشروعة ومتناسبة".

وأضافت الدبلوماسية الأمريكية، أن الرئيس ترامب يقول "إذا استخدمت سوريا الغاز السام مرة أخرى فإن الولايات المتحدة ستكون جاهزة للرد". مؤكدة "نحن على ثقة بأننا تمكنا من شل برنامج الأسلحة الكيماوية السوري. نحن مستعدون لمواصلة هذا الضغط إذا كان النظام السوري من الغباء ليختبر إرادتنا مجددا".

غير أن أسئلة كثيرة أثيرة حول جدية تهديدات ترامب للأسد بدفع "الثمن باهظا"، وعن وجود خلافات تعصف بإدارة ترامب حول سياستها في سوريا، خاصة مع تأكيد مسؤولين في الإدارة الأمريكية، أن الرئيس (ترامب) كان يريد حملة متواصلة وأشد قوة على النظام السوري، في مقابل تحفظ وزير الدفاع جيمس ماتيس، وجنرالات الجيش الذين أصروا على ضرورة وجود إستراتيجية أوسع لسوريا، وحذروا من خروج الأمور عن السيطرة، بما في ذلك احتمال حصول صدام أمريكي روسي، وهو ما أشر عليه تواصل وزارة الدفاع الأمريكية مع الروس، لضمان تجنب أي سوء فهم قد يدفع الطرفين إلى مواجهة غير مقصودة.

وأوضح مدير مركز الدراسات الجيوسياسية بيار إيمانويل تومان، أن "العملية العسكرية التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا، كانت بمثابة تعويض عن فقدانهم لتأثيرهم ونفوذهم على الوضع في سوريا".

وأردف الخبير الجيوسياسية: "لقد كانت عملية رمزية لمحاولة التعويض عن فقدان النفوذ والتأثير على الوضع في سوريا، فقد أدركت الدول المهاجمة أن الهجوم الصاروخي لن يغير الموقف الروسي الثابت، والذي تجنبوا مواجهته، لذلك اكتفوا بضربات رمزية ضد أهداف تدميرها لا يغير أي شيء في معادلة القوى". مضيفا أن "الهجوم الصاروخي كان لحد ما لحفظ ماء الوجه".

أما فيتالي نعومكين، رئيس معهد الإستشراق لدى أكاديمية العلوم الروسية، فقال إن "التحالف الثلاثي تمكن، ولو جزئيا، من تحقيق أحد الأهداف التي سعى وراءها قادته، وهو دق إسفين في العلاقات بين أطراف ثلاثي روسيا وتركيا وإيران، حيث أيدت أنقرة، في خطوة كانت متوقعة، الضربة الغربية المحدودة على سوريا".

واعتبر نعومكين، أن حل الأزمة السورية لا يزال بعيد المنال، ولا يمكن أن يكون عسكريا، مضيفا أن الإستخدام الأحادي للقوة لا يعجل في تسوية النزاع في سوريا.


إقــــرأ المزيد

تابعونا على فيسبوك