- 21:30توقعات الطقس ليوم غد الاثنين 11 نونبر 2024
- 21:27خاص..الوكيل العام يقرر اعتقال منتخبين بالقنيطرة بسبب الرشاوي والفساد
- 21:23الإعلان عن ترشيحات النسخة الثانية والثلاثين لجائزة "مراسلون بلا حدود" لحرية الصحافة
- 21:16هذا هو تاريخ صرف الدفعة الأولى من المنح الجامعية للطلبة
- 21:10مدينة مونتريال تستضيف معرض "العمران إكسبو مغاربة العالم"
- 21:09رئيس الحكومة يمثل صاحب الجلالة في قمة الرياض
- 21:05وجدة تحتضن النسخة الـ12 من المهرجان الدولي للسينما والهجرة تحت شعار “السينما وحقوق المهاجر”
- 21:02إنطلاق تصفيات منطقة "أوناف" المؤهلة لكأس أمم إفريقيا تحت 20 سنة بمشاركة المنتخب المغربي
- 20:58حسنية أكادير يواصل سلسلة انتصاراته ويعمق جراح شباب المحمدية
تابعونا على فيسبوك
كلمة الطالبي العلمي بمناسبة اختتام الدورة الأولى من السنة التشريعية 2023-2024
بسم الله الرحمن الرحيم،
السيدات والسادة الوزراء،
الزميلات والزملاء،
السيدات والسادة،
طبقا لأحكام الدستور ومقتضيات النظام الداخلي للمجلس، نصل اليوم إلى نهاية أشغال الدورة الأولى من السنة التشريعية 2023ء2024، لنختتمَ النصف الأول من الولاية التشريعية الحادية عشرة 2021-2026، وهي فترة غنية بالإنتاج على مستوى المؤسسة التشريعية في إطار تفاعلها مع ما اغتنى به المسار الإنمائي والمنجز السياسي والاقتصادي والحقوقي والثقافي والبيئي الذي تُحققه بلادنا بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس أعزَّهُ الله، وتجسيدا لرؤيته الحصيفة، وهو يقود المغرب إلى مزيدٍ من التقدمِ، ويعطي الديموقراطية أبْعادها ومحتواها الاقتصادي والاجتماعي الإنساني.
ولئن كانت السياقات الدولية وتداعياتُ التوتراتِ الجيوسياسية والظروفِ المناخية، تُلقي بانعكاساتها على اقتصاد أغلبية البلدان، ومنها بلادنا التي أبانت عن مناعة صلبة في مواجهة هذه الانعكاسات، كما يتأكد ذلك في ما تحققه من تقدم اقتصادي، وما تبنيه من تجهيزات أساسية ومشاريعَ مهيكِلةٍ، خصوصًا من خلال الإعْمال الناجع والفعال والسريع للدولة الاجتماعية بمختلف مداخلها تنفيذا للرؤية والتوجيهات الملكية السامية التي تضع الإنسان في قلب التنمية.
ولا يقتصر مفعول وصدى هذا التقدم على المستوى الداخلي، بل يكتسي أبعادًا جيوسياسية تتجسد في تعزيز تموقع بلادنا قوةً صاعدة، مؤثرةً في العلاقات الدولية تحظى بالتقدير والاحترام.
وإنه لمن الطبيعي أن يكونَ المجلسُ في قلب هذه الدينامياتِ الوطنية مُضطلِعًا بمسؤولياتِه، ممارسًا لاختصاصاتِه الدستورية متمثلًا لفلسفةِ حكمِ صاحبِ الجلالة نصرَه الله وتوجيهاتِه السامية كما وردت في مختلف الخطب والرسائل الملكية السامية.
في هذا السياق، نستحضرُ جميعًا، بإجلالٍ كبير وامتنانٍ وافر، مضامينَ الرسالةِ الملكية السامية التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس أعزه الله إلى المشاركين في أشغال الندوة الوطنية التي نظمها البرلمان يوم 17 يناير 2024 تحت رعاية جلالته السامية تخليدًا للذكرى الستين لقيام أول برلمان مغربي منتخب عام 1963.
لقد شكلت هذه الرسالة الملكية السامية خريطةَ طريق، ومرجعًا نستلهمُه منه في تجويدِ أعمالِنا، وفي تحمل مسؤولياتنا إزاء ترسيخِ بِنائِنا الديمقراطي المؤسساتي، والرفعِ من جودةِ النخبِ وتغليبِ المصالح العليا للوطن والمواطنين، حيث حرصنا، تنفيذا لهذه التوجيهات السامية، على مستوى مكتب مجلس النواب، ومع السادة رؤساء الفرق والمجموعة النيابية، على فتح ورش مدونةِ الأخلاقيات البرلمانية لتكون في مستوى تطلعات صاحب الجلالة أعزه الله في ما يرجع إلى مواصلة تخليق الممارسة البرلمانية، وإيثار الصالح العام، ولتكونَ من أرقى مدونات الأخلاق والسلوك المعتمدة في البرلمانات الوطنية، ولتلْقَى الصدَى الإيجابي لدى الرأي العام.
وتهدف المقتضيات الجديدة إلى ضبط عدد من الممارسات والحالات، من خلال سموّ الالتزام بواجب خدمة الصالح العام، وإعطاء القدوة في السلوك والممارسة السياسية، وأداء الواجب بالحضور المنتج الإيجابي.
وما من شك في أن ذلك سيساهم في نشر قيم الديموقراطية وترسيخ دولة القانون وتكريس ثقافة الحوار وتعزيز الثقة في المؤسسات، كما أكد على ذلك صاحب الجلالة.
ومن جهة أخرى، وعملا بالتوجيهات الملكية السامية، أحدثنا مجموعة عمل حول الشؤون الإفريقية، تقديرا واعتبارا لموقع الصدارة الذي تحتله قارتنا، إفريقيا، ضمن أولويات السياسة الخارجية للمملكة كما أكد ذلك صاحب الجلالة في رسالته السامية.
السيدات والسادة،
أغتنم فرصةَ اختتام هذه الدورة لأستعرض بعضا من معالم حصيلة أعمال المجلس برسم النصف الأول من الولاية التشريعية الحادية عشرة كما جرى التقليد بذلك. ففي شأن ممارسة الاختصاص الرقابي، من خلال الأسئلة الموجهة للحكومة، أودُّ أن أُثَمِّنَ الاستغلال الأمثل لهذه الآلية من جانب مختلف مكونات المجلس، كما يتجسد ذلك في نوعية الأسئلة وتَوَجُّهِهَا وتركيزِها على القضايا الراهنة، وإلى القطاعات التي تستقطبُ اهتمامات الرأي العام الوطني. وبالطبع، ينبغي أن نثمنَ تجاوبَ الحكومةِ مع هذه الأسئلة.
وبالأرقام، بلغ عدد الجلسات العامة التي يجيب خلالها السيد رئيس الحكومة عن أسئلة أعضاء المجلس خلال النصف الأول من الولاية، 12 جلسة أجاب خلالها السيد رئيس الحكومة عن ستين (60) سؤالا يتعلق بالسياسات العامة في مجالات الرعاية الاجتماعية، والاستثمار، والصحة، والتعليم، والثقافة والتمكين الاقتصادي والسياسي للنساء، وحالة الاقتصاد الوطني في السياق الدولي، وغيرها من القضايا التي استأثرت باهتمام أكبر من جانب الرأي العام ومن جانب الحكومة وباقي المؤسسات.
وبلغ عددُ الجلسات العامة الأسبوعية المخصصة لأسئلة أعضاء المجلس وأجوبة أعضاء الحكومة عليها، 62 جلسة تمت خلالها برمجة، 1849 سؤالا، أجابت عنها الحكومة. ويتعين التوضيح في هذا الصدد، أن برمجةَ الأسئلة الشفوية في الجلسة الدستورية الأسبوعية محكومٌ بعامِلَيْ الزمن والمُحَاصَصَة، مما يجعلُ اعتمادَ الأجوبةِ كمؤشرٍ لتقييمِ الأداءِ لا يفي بمعيارِ الموضوعية مادام أعضاء المجلس وَجَّهوا أكثر من 9 آلاف سؤال إلى الحكومة. في المقابل، ينبغي أن نسجل أن الحكومة أجابت عن 10292 سؤالا كتابيا من مجموع 14640 سؤالا وُجِّهت إليها، أي بأجوبة نسبتها 70%.
ومع تسجيلِ أهمية هذا التفاعل الإيجابي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، فإن طموحَنا الجماعي، هو أن نَبْني على هذا التقدم لتحقيق أعلى نسبة تفاعلٍ ممكنة، مع أسئلة أعضاء المجلس.
ومن جهة أخرى، ينبغي مقاربةُ رقابةِ العمل الحكومي من خلال الأسئلة بمنطق المردودية، ومدى توجهها إلى القضايا الراهنة، ومدى مساهمة النقاش داخل المجلس في إثراء النقاش العمومي، وجعله بنَّاءً ومنتجا وبيداغوجيا. وفي هذا الصدد، ينبغي أن نستحضر ما أكد عليه صاحب الجلالة نصره الله في رسالته السامية بمناسبة الذكرى 60 لتأسيس البرلمان المغربي. يقول جلالته "ينبغي التأكيدُ على الدور الحاسم الذي يجبُ أن يضطلعَ به البرلمان في نشر قيم الديمقراطية وترسيخ دولة القانون وتكريسِ ثقافة المشاركة والحوار وتعزيزِ الثقة في المؤسسات المنتخبة". انتهى النطق الملكي.
وعليه، فإننا مطالبون بالبحث عن النوع والجودة ومستوى النقاش ومحتواهُ ومردوديتُه ووقعُه على المجتمع.
السيدات والسادة،
لن نكونَ موضوعيين إذا نحن اخْتَزَلْنَا العمل الرقابي فقط في الأسئلة الموجهة للحكومة. فقد شكلت اللجن النيابية الدائمة إطارًا للتفاعل بين أعضاء المجلس والحكومة حول قضايا تكتسي صبغة الراهنية، واقتضت المعالجةَ من خلال الحوار.
وهكذا انكبت هذه اللجن برسم منتصف الولاية على مناقشة 366 موضوعا كانت محل 781 طلبا من جانب الفرق والمجموعة النيابية، منها 53 موضوعا، عقدت اللجن بشأنها 32 اجتماعا خلال دورة أكتوبر 2023ء2024.
وكانت قضايا المياه وتدبيرها في سياق الجفاف، والطرق، وتداعيات الزلزال الذي ضرب بعض مناطق المغرب في ثامن شتنبر 2023، والتربية والتعليم والتكوين والعلاقات الخارجية، والأمن الغذائي، والفلاحة، وتخليق الحياة العامة أهم المواضيع التي استأثرت باهتمام اللجن النيابية الدائمة، وهي تمارس اختصاصها الرقابي فضلا عن الاجتماعات التي تعقدها في إطار مهامها التشريعية، والتي بلغت برسم منتصف الولاية، 385 اجتماعا.
ويعكس هذا المنسوب المرتفع في اشتغال اللجان حرصَ السلطتين التشريعية والتنفيذية على البحث عن حلول للقضايا موضوع المساءلة بعد الإحاطة بالسياق والعوامل التي تقف وراءها. ويظل الطموح الجماعي، في المجلس، معارضةً وأغلبيةً، وفي الحكومة، والمؤسسات العمومية، هو إيجادُ حلول للمشاكل، وجعل كل طرف يدرك مسؤولياته وواجباته لجعل الخدمات العمومية متاحة للجميع، والمرافق العمومية قابلة للولوج الشفاف بالجودة المطلوبة، والسياسات العمومية منتجة للأثر الإيجابي على حياة المواطنين، والإنفاق العمومي منتجا للمردودية وللتحول والتقدم.
أقول هذا لأنني من المقتنعين بأنه، مهما تختلف مقارباتنا ورؤانا ومنطلقاتنا السياسية، فإننا نلتقي في الهدف الأسمى النبيل المتمثل في خدمة الوطن والمواطنات والمواطنين. وتلكم من التحديات التي دعا صاحب الجلالة أعزه الله إلى العمل على رفعها حينما حثنا على "تغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين على غيرها من الحسابات الحزبية".
في ذات الأفق الرقابي المتمثل في تشخيص ما قد يعتري الفعل العمومي من نقص أو اختلالات، تشكل المهام الاستطلاعية للجن البرلمانية الدائمة، آلية فعالة، مرنة وسريعة للوقوف على تدبير مؤسسات، أو خدمات، أو مرافق عمومية وإعداد تقارير بشأنها، وتوصيات من أجل التجويد.
في هذا الصدد، رخص مكتب المجلس خلال النصف الأول من الولاية التشريعية بإنجاز عشر مهام استطلاعية ذات علاقة بقضايا راهنة من قبيل الوقوف على واقع شبكات التوزيع وتسويق المنتجات الفلاحية، وحالة مصب أم الربيع وتراجع صبيب هذا النهر المهم، وهما المهمتان اللتان ناقشنا تقريريهما في جلستين عموميتين.
واهتمت اللجن أيضا، وهي تفعل المهام الاستطلاعية، بقضايا المقالع والمخيمات الصيفية، والطب الشرعي، والطرق السيارة ، وحال الأحياء والإقامات الجامعية العمومية، وظروف استقبال الجالية المغربية المقيمة في الخارج. ولئن كانت المواضيع التي انكبت وتنكب، عليها المهام الاستطلاعية هامة وتتسم بالراهنية، فإنني أعيد التأكيد، على ضرورة أن نسعى في إنجازها إلى الجمع بين دقة المعلومات والمعطيات والإسراع في إنجاز التقارير واعتماد معايير التركيب في بنائها، والنجاعة في تدبير الزمن البرلماني واحترام الآجال المحددة لكل مهمة، وجعل التوصيات أكثر استهدافا.
ويظل الهدف هو أن ننجز أكبر عدد من المهام الاستطلاعية ونتمكن من مناقشتها بمشاركة السلطة التنفيذية لإصلاح ما ينبغي إصلاحه، إذ الأمر لا يتعلق بالتقييم ولا بلجن لتقصي الحقائق التي لها ضوابطها الدستورية والتنظيمية والإجرائية، ولكن بآلية أسرعَ بمساطر أخَفّ، ولكن بمردودية كبرى إذا نحن تمكنا من إنجازها وفق الضوابط وبالجودة المطلوبة، وأساسا إذا نحن حرصنا على تتبع إنجاز التوصيات التي تتوج أعمالها.
الزميلات والزملاء
تفعيلا لأحكام الدستور، وللتعاون والتكامل بين السلط، حرصنا على تفعيل العلاقات مع باقي المؤسسات الدستورية وهيئات الحكامة، إيمانا منا بقيمة ما تنجزه من تقارير وآراء.
وحرصا على التفاعل بين المؤسسات، المنتج لخلاصات وتوصيات تساهم في تجويد الأداء العمومي، أحلنا بانتظام ما ورد علينا من هذه المؤسسات وفَعَّلْنا في شأنها المساطر المَرْعية.
واسمحوا لي أن أثير أربع ملاحظات بشأن أهمية هذه التقارير والآراء الاستشارية:
ء فهي تمكننا من الاطلاع على مُنْجَز كل مؤسسة صاحبة التقرير،
ء وهي تمكننا، ثانيا، مِن رصد تقاطع الآراء أو اختلافها في حالة تعلق التقرير أو الرأي الاستشاري بنشاط أو خدمة أو سير مرفق عمومي،
ء ومناقشتها، ثالثا، مناسبةٌ للتوصل إلى خلاصات وتوصيات تتقاطع فيها قناعاتُ مختلف المؤسسات واجتهاداتها بما يُسعفُ في إعمال مزيد من الحكامة في المرفق العمومي.
ء وهي في المقام الرابع، مفيدة بالنسبة لنا، نحن أعضاء مجلس النواب، باعتبارها مصادر للمعلومات والمعطيات الرسمية في ممارسة اختصاصاتنا الرقابية والتشريعية. وبالتأكيد، فإن هذا التداول والتواصل بين المؤسسات، يعتبر مساهمة هامة في إرساء تقاليد مؤسساتية أصيلة ومتأصلة تميز نموذجنا المؤسساتي.
علينا، إذن، أن نعمل على الاستغلال الأمثل لهذه التقارير ونقدرها حق قدرها بغض النظر عن الاتفاق والاختلاف مع بعض محتوياتها، إذ أن معطياتها تظل رسمية.
أما في ما يخص اختصاص تقييم السياسات العمومية، فقد توافقنا كمكونات للمجلس، على أربع سياسات عمومية لتكون موضوع تقييم خلال الولاية الحادية عشرة، بالإضافة إلى تقييم شروط وظروف تطبيق القانون 13ء103 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء.
واحتراما لأحكام الدستور ناقشنا في جلستين عموميتين تقريرين بشأن تقييم الخطة الوطنية لإصلاح الإدارة (2018ء2021) والسياسة المائية فيما أنهت المجموعة الموضوعاتية المكلفة بتقييم تطبيق القانون 13ء103 أشغال الاستماع وجمع المعطيات، وهي بصدد صياغة تقريرها الذي سنناقشه خلال الدورة التشريعية المقبلة، علما بأن هذا التقييم، الذي يعتبر التمرين الأول من نوعه من جانب المجلس، يتزامن مع إصدار أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس أوامره بمراجعة مدونة الأسرة وتشكيل الهيأة المكلفة بمراجعة المدونة التي أنهت جلسات الاستماع لمختلف مكونات المجتمع بما فيها الأحزاب السياسية، وهي بصدد التداول في التقرير والاقتراحات التي سترفع إلى جلالته قبل إحالة مشروع قانون المدونة على البرلمان.
وبالتأكيد، سنكون معبئين للإسراع بالتداول في هذا المشروع ودراسته، خصوصًا وأن الأمر يتعلق بالأسرة المغربية التي يوليها صاحب الجلالة عناية ورعاية خاصة، ويحرص على سعادتها وتوازنها واستقرارها وتقويتها.
ومن جهة أخرى، سواء تعلق الأمر بإصلاح الإدارة، أو السياسة المائية، أو محو الأمية، أو الرياضة، فإننا إزاء سياسات وقضايا تكتسي من الراهنية والأهمية، ما يجعل تقييمها حاملا لرهانات وطنية بأبعاد داخلية وخارجية. وسواء تعلق الأمر بأمننا المائي الغذائي، أو حكامة إدارتنا، أو إشعاع رياضتنا الوطنية، فإن الأمر يتعلق، في النهاية، بتقدم بلادنا واقتدارها وجاذبيتها وتموقعها الإقليمي والدولي.
وبموازاة مع ذلك، وفي إطار مواكبة النقاش حول قضايا ذات راهنية وأبعاد وطنية ودولية آنية واستراتيجية، ستشرع كل من المجموعة الموضوعاتية المؤقتة حول الذكاء الاصطناعي والمجموعة الموضوعاتية المؤقتة حول الانتقال الطاقي في عملهما، وذلك بهدف بلورة مقاربة برلمانية استشرافية ومستقبلية لهذين الموضوعين. كما ستشرع مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة حول المساواة والمناصفة في عملها لبلورة اقتراحات وتوصيات تخص أوضاع المرأة في تفاعل مع أولويات السياق المجتمعي.
وسواء في ما يخص تقييم السياسات العمومية الذي أعطيناه دفعة قوية خلال هذه الولاية، أو المهام الاستطلاعية ومناقشة تقارير المؤسسات الدستورية وهيئات الحكامة، فإنه ينبغي أن يكون للتوصيات التي نتوافق بشأنها مع السلطة التنفيذية، الأثر المتوخى في المجتمع، والوقع الإيجابي بتجويد السياسات والتدخلات العمومية و زيادة مردوديتها.
السيدات والسادة،
في ما يتعلق بالتشريع، ينبغي أن أعيدَ التأكيد على أهمية المبادرات التشريعية لأعضاء المجلس متمثلة في مقترحات القوانين والتي تتميز، كما سبق أن قلت، بكونها منبثقةً من الاحتكاك اليومي للنواب والنائبات مع المجتمع ومكوناته ومن تواصلهم مع المواطنين والهيئات المهنية، علما بأن المجلس صادق على ستة من هذه المقترحات برسم النصف الأول من الولاية. ونتطلع إلى إحداث دينامية جديدة بخصوص دراسة مقترحات القوانين من خلال المقتضيات ذات الصلة التي سيتضمنها النظام الداخلي الجديد للمجلس بعد استكمال مسطرة المصادقة عليه.
ومن جهة أخرى، ينبغي عدم إغفال مساهمة أعضاء المجلس في إغناء مشاريع القوانين التي يصادقون عليها، وبالتحديد منها، قوانين المالية التي بلغت تعديلات المجلس عليها 764 تعديلا قبلت الحكومة 105 منها مما يعكس، من جهة التعاون القائم بين المجلس والحكومة، ومن جهة أخرى قيمة التعديلات المقترحة والبصمة البرلمانية على التشريع، كما تتجسد أيضا في التعديلات على مشاريع قوانين عادية.
ولئن كان لا ينبغي اختزال الإنتاج التشريعي في الكم، فإنه يجدر التذكير بأننا صادقنا على ما مجموعه 111 مشروع قانون، وستة مقترحات قوانين برسم النصف الأول من الولاية التشريعية، منها 18 خلال دورة أكتوبر 2023 – 2024. ويظل الأساسي هو طبيعة وأبعاد القوانين المصادق عليها. فثلاثون نصّا هي قوانين تأسيسية تتعلق بالقطاعات الاجتماعية وخاصة الصحة، والدعم الاجتماعي، والقضاء والاستثمارات والفلاحة والمالية، مع ما يعنيه ذلك من تأطير تشريعي وتنظيم للتدخلات المركزية والمجالية للدولة وتوطين الخدمات والاستثمارات. ولا تخفى عليكم المساهمة القصوى لكل ذلك في عصرنة التدخلات العمومية وكفالة نجاعتها وتنظيم التضامن، وتحقيق العدل والعدالة الاجتماعية وجذب الاستثمارات وتيسيرها، وتكريس حكامة المرفق العام، وكفالة حقوق الجميع.
الزميلات والزملاء
لم يُثْنِنَا الاضطلاع بمسؤولياتنا الداخلية عن مواصلة حضورنا المؤثر، اليقظ والمسؤول، في واجهة العلاقات الخارجية والدبلوماسية البرلمانية. وسواء في الإطارات الثنائية أو متعددة الأطراف، فقد تواصل هذا الحضور الوازن في مختلف المناطق الجيوسياسية في العالم متمثلين، كما قال صاحب الجلالة نصره الله، عقيدة الدبلوماسية المغربية كما أرسى دعائمها جلالته، وملتزمين بضوابطها ومرتكزاتها.
وفي عالم تتغير فيها الأحلاف، ويميل أكثر إلى الانشطار بحكم عوامل جديدة، وتزدهر فيه الأنانيات القومية، حرصنا ونحرص، بعد مأسسة الشعب الوطنية في المنظمات البرلمانية متعددة الأطراف، ومجموعات الصداقة، على المشاركة في المؤتمرات واللقاأت الدولية والقارية والإقليمية.
وبالموازاة مع ذلك، احتضنت بلادنا عدة لقاأت برلمانية اكتست أهمية كبرى باعتبار المشاركة النوعية والعددية فيها، وباعتبار الوثائق المرجعية التي توجت أشغالها. ومن ذلك نذكر على سبيل المثال المؤتمر البرلماني حول الحوار بين الأديان المنعقد تحت الرعاية الملكية السامية بمراكش في يونيو 2023، والذي توج بإعلان هام هو عصارة حوار ومناقشات عميقة بين البرلمانيين وممثلي الأديان والأكاديميين، حول أهمية العيش المشترك، وذلك في سياق يسعى فيه البعض إلى إضفاء الطابع الديني على قضايا ونزاعات سياسية وجيوسياسية، وتزدهر فيه نزعات التعصب.
واحتضنت ذات المدينة في نونبر 2022 اللقاء البرلماني الإفريقي حول مبادرة الشراكة من أجل حكومة منفتحة (OGP) وانفتاح البرلمانات، والذي توج بدوره بإعلان برلماني إفريقي هام.
وإننا إذ نجدد اعتزازنا بما ورد في الرسالة الملكية السامية بمناسبة الذكرى60 لإحداث أول برلمان مغربي منتخب، بشأن دينامية الدبلوماسية البرلمانية، نؤكد أن ذلك يشكل حافزا لنا لمواصلة التعبئة والمشاركة النوعية والمؤثرة في الدبلوماسية البرلمانية مدافعين عن مصالح وقضايا بلادنا، وفي مقدمتها قضية وحدتنا الترابية، والتعريف بالإصلاحات التي تنجزها بلادنا، ومؤسسين على ما تحققه بلادنا من تموقع دولي ومن تقدير مستحق، ومن علاقات مبنية على الشراكة والصدق والوفاء والقيم، بفضل سياسة ورؤية وقيادة صاحب الجلالة.
وسيظل عمقنا الإفريقي والعربي والإسلامي، وفضاؤنا الأورومتوسطي، وأفقنا الأمريكوءلاتيني وشراكاتنا مع الأمريكيتين، وفي آسيا، حاضرا في اشتغالنا في واجهة العلاقات الخارجية.
السيدات والسادة،
في الختام، ينبغي التأكيد على أن الحصيلة التي أوردت بعض معالمها، ما كانت لتتحقق لولا انخراط الجميع، وتعبئة كافة مكونات وأجهزة المجلس، علما بأن طموحنا الجماعي يظل أكبر وأعلى، للارتقاء بالديموقراطية التمثيلية المؤسساتية إلى المستوى الذي يريده لها صاحب الجلالة، وترصيد النضج الكبير الذي حققه العمل البرلماني، كما جاء في الرسالة الملكية السامية، والبناء على ذلك في مواصلة ترسيخ نموذجنا الديموقراطي والمؤسساتي المتفرد.
وبقدر طموحنا إلى تكريس الصعود المغربي المتسارع والمتين، بقدر ما ينبغي أن نكثف تعبئتنا الجماعية لترصيد المنجزات والمكاسب والبناء على النهضة التي تحققها بلادنا نحو آفاق أرحبَ من التقدم.
وبالتأكيد، فإن قضية وحدتنا الترابية التي حققت بلادنا فيها مكاسب مشروعة حاسمة، سواء من خلال ما يتم على أرض أقاليمنا الجنوبية من إنجازات مهيكلة، أو من خلال التوجه الدولي الحاسم للإقرار بمشروعية قضيتنا ولفظ أطروحة الانفصال، تتطلب مزيدا من اليقظة والترصيد والندية.
لقد تحقق كل ذلك بفضل حصافة عاهل البلاد جلالة الملك أعزه الله وقيمة قيادته، وبفضل يقظة وحرفية القوات المسلحة الملكية المدافعة على الحدود الوطنية والحامية للتراب الوطني برا وجوا وبحرا. فإلى هذه القوات وقائدها الأعلى رئيس أركان حربها العامة، صاحب الجلالة، كل التحية والتقدير والاحترام.
وإلى قوات الدرك الملكي والأمن الوطني والقوات المساعدة، كل التقدير على مساهمتها في تحصين المكتسبات والحفاظ على أمن الوطن والمواطنين.
واسمحوا، لي أن أستخلص معكم، أن التحديات التي نعمل على رفعها، والرهانات التي نريد تحقيقها، والأوراش الكبرى الجاري تنفيذها والمتوجهة إلى المستقبل، تتطلب مزيدا من التماسك الاجتماعي والتلاحم الوطني في إطار الاختلاف الإيجابي لأن الإصلاحات الكبرى في المغرب، كما يؤكد ذلك التاريخ، أنجزت دوما بالتوافق والإشراك والتنافس الشريف، وليس بالتقاطب.
السيدات والسادة،
أود في الأخير، أن أشكر كل من ساهم في تحقيق هذه الحصيلة من مكونات المجلس، والحكومة، وعلى رأسها رئيسها، والوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، ووسائل الإعلام التي تواكب عملنا وأطر وموظفات وموظفي المجلس والقوات المسلحة الملكية الحامية للمؤسسة وموظفي الأمن الوطني والوقاية المدنية والأعوان المكلفون بالنظافة والصيانة، الذين يساعدون في تيسير أعمالنا.
شكرا على إصغائكم.