- 20:35اختفاء غامض لقاصر مغربي خلال محاولته العبور إلى سبتة سباحة
- 20:15منتخب الريكبي المغربي يكثف استعداداته لنهائيات كأس إفريقيا 2025
- 20:00اتفاق بين الرباط وباريس يعزز صادرات الطماطم المغربية للأسواق الفرنسية
- 19:35الكاف يعقد جمعه العام الاستثنائي في القاهرة بمشاركة شخصيات بارزة
- 19:10افتتاح المحطة البحرية الجديدة بميناء بني انصار
- 18:50جامعة محمد السادس للعلوم والصحة تفتتح فرعيين جديدين بمراكش وأكادير
- 18:30النيابة العامة تودع اربعة متهمين في ملف “الزائر’ سجن لوداية
- 18:15السجن النافذ للمدير السابق للأكاديمية الجهوية لدرعة تافيلالت
- 18:00انقطاع التيار الكهربائي نهاية هذا الأسبوع في ثلاث جماعات بإقليم الجديدة
تابعونا على فيسبوك
"المنافسة هي الروح التي تحرك المجتمع، وإلغاؤها يعني قتله."
مع اقتراب شهر رمضان، يتكرر نفس المشهد كل عام: ارتفاع غير مبرر في أسعار بعض المنتجات الأساسية. الفواكه، الخضروات، اللحوم، الأسماك... الأسعار ترتفع فجأة، والمستهلك يتحمل العبء. في المقابل، المنتجون – من فلاحين وصيادين – يبيعون منتجاتهم بأسعار لا تعكس القيمة الحقيقية لعملهم. إذًا، أين تضيع هذه القيمة المضافة بين المنتج والمستهلك؟
قصة "مول السردين" تكشف بوضوح هذه المفارقة. عندما قرر عبد الاله بيع السردين بـ5 دراهم للكيلوغرام، لم يكن فقط يُخفض الأسعار، بل كان يكسر نمطًا اقتصاديًا راسخًا. الجميع كان يعلم أن المشكل ليس في العرض والطلب، ولا في نقص الموارد، بل في الهوامش الربحية الكبيرة التي يفرضها الوسطاء. مبادرته كانت اختبارًا حقيقيًا لقواعد اللعبة، وسرعان ما تعرض للضغوط، وأُغلق محله. لكنه لم يستسلم. ومع تصاعد التفاعل حول قضيته على وسائل التواصل الاجتماعي، تمكن من العودة إلى نشاطه من جديد.
المنافسة ليست مجرد آلية تجارية، بل هي محرك حيوي للتطور الاقتصادي والاجتماعي. هذا ما أكده المفكر بيير جوزيف برودون، الذي رأى فيها شرطًا أساسيًا لتوازن السوق والمجتمع:
"المنافسة هي القوة الحيوية التي تحرك المجتمع، وإلغاؤها يعني قتله."
برودون كان يدرك أن غياب المنافسة يعني احتكار القلة للسوق، مما يؤدي إلى خنق الابتكار وتقييد الوصول إلى السلع والخدمات. لكنه في الوقت نفسه، كان يحذر من منافسة غير منظمة قد تستفيد منها فئة محدودة على حساب الآخرين. إذًا، الحل لا يكمن في ترك السوق دون ضوابط، بل في خلق بيئة عادلة تضمن حقوق المنتجين، وتوفر أسعارًا متوازنة للمستهلكين.
إذا عدنا إلى آدم سميث، الذي يُعرف بـ"أب الاقتصاد الحر"، نجده يركز على الدوافع الشخصية للمنتجين وليس على الإحسان المجاني:
"لسنا بحاجة إلى إحسان الجزار أو الخباز، بل إلى حرصهم على تحقيق مصلحتهم."
هذه المقولة تُذكّرنا بأن الأسواق تعمل بكفاءة عندما تتحول المصالح الفردية إلى منفعة جماعية. ولكن ماذا يحدث عندما يسيطر المضاربون والوسطاء على توزيع المنتجات؟ هنا، يختل هذا التوازن تمامًا، ويصبح السوق أداة في يد قلة تتحكم في الأسعار.
قضية "مول السردين" مثال حيّ على ذلك: الأسماك ليست نادرة، ولكن الأسعار المرتفعة سببها شبكة من الوسطاء تفرض زيادات غير مبررة. لم يعد العرض والطلب هو المتحكم، بل هوامش الربح التي تحددها حلقات التوزيع.
لكن، هل الحل يكمن فقط في خفض الأسعار؟ كما يقول مايكل بورتر:
"المنافسة على السعر وحده ليست استراتيجية مستدامة."
نعم، المستهلك قد يستفيد من الأسعار المنخفضة في المدى القصير، لكن على المدى البعيد، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تضرر المنتجين، وتقليل التنوع في السوق، بل وحتى الإضرار بجودة المنتجات والخدمات. التحدي الحقيقي ليس فقط في خفض الأسعار، بل في إيجاد منظومة تحقق العدالة الاقتصادية وتحدّ من الاحتكار والمضاربة.
ما حدث مع "مول السردين" ليس مجرد حدث عابر، بل هو مؤشر على ظاهرة أوسع. مبادرته ألهمت تجارًا آخرين في مدن مختلفة، وبدأت مبادرات مشابهة تظهر في أنحاء عدة من المغرب. هذه الحركية تعكس وعيًا متزايدًا بأهمية المنافسة العادلة كضامن رئيسي للعدالة الاقتصادية.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه: هل سيبقى "مول السردين" رمزًا لهذا التحول، أم أن عوامل السوق وضغط الواقع ستعيده إلى الهامش؟ مصير هذه المبادرات مرتبط على مدى قدرتها على الصمود، والتكيف، و إيجاد توازن بين الأسعار المقبولة واستدامة النشاط الاقتصادي.
اليوم، ومع تفشي وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح من الشائع أن تظهر شخصيات ومبادرات تلقى تفاعلًا واسعًا، بعضها يكشف اختلالات لأنظمة ما، والبعض الآخر يحاول استغلالها لمصلحته. منهم من يُحتفى به ثم يُنسى، ومنهم من يترك أثرًا حقيقيًا لا يُمحى.
موجة "مول السردين" لم تصل إلى نهايتها بعد. إلى أين ستأخذنا؟
تعليقات (0)