-
19:03
-
18:42
-
18:34
-
18:25
-
18:02
-
17:42
-
17:24
-
17:11
-
17:03
-
16:43
-
16:30
-
16:22
-
16:02
-
15:41
-
15:23
-
15:02
-
14:49
-
14:36
-
14:18
-
14:17
-
13:54
-
13:39
-
13:23
-
13:11
-
13:00
-
12:39
-
12:23
-
12:06
-
11:53
-
11:37
-
11:35
-
11:30
-
11:17
-
11:00
-
10:50
-
10:36
-
10:35
-
10:12
-
09:54
-
09:53
-
09:47
-
09:37
-
09:17
-
09:00
-
08:57
-
08:33
-
08:11
-
07:45
-
07:20
-
05:00
-
04:00
-
03:00
-
01:36
-
00:00
-
22:06
-
21:32
-
21:07
-
20:33
-
20:11
-
19:50
-
19:37
-
19:31
-
19:16
تابعونا على فيسبوك
المتحف المصري الكبير.. ذاكرة الفراعنة تتنفس من جديد
في قلب الجيزة، وعلى مقربة من أعجوبة العالم القديم، يقف المتحف المصري الكبير شامخا، رمزا حضاريا جديدا يروي قصة مصر عبر آلاف السنين. هنا لا تعرض الآثار فحسب، بل تفتح أمام الزائر بوابة على الزمن، رحلة ممتدة من لحظة الاكتشاف إلى عبق التاريخ، حيث يمتزج الجمال المعماري الحديث بإرث حضارة لا تشيخ.
يمتد المتحف على مساحة تقارب 500 ألف متر مربع، ويطل على الأهرامات في مشهد بانورامي يخاطب الروح والعقل في آن واحد. تصميمه يجمع بين الحداثة والاعتزاز بالماضي، ليشكل تجربة بصرية وثقافية متكاملة، تمكن الزائر من أن يشعر بأنه جزء من تاريخ حي يتواصل مع الحاضر.
رمسيس حارس البوابة وتوت عنخ آمون في موطنه الأخير
حين تحدث أحمد غنيم، الرئيس التنفيذي للمتحف المصري الكبير، عن هذا الصرح الحضاري، شبهه بـ "رحلة بين الزمنين، يستعيد فيها الحاضر ملامح ماضيه ليقدمه للعالم في أبهى صورة".
عند مدخل المتحف، يقف تمثال رمسيس الثاني شامخا، في إشارة إلى عبقرية الماضي وعظمة الحاضر، يوضح غنيم في حديث خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، أما الحدث الأبرز، يسترسل في الكلام، فهو عرض المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون، التي كانت موزعة بين المتحف المصري بالتحرير وعدد من المتاحف الأخرى، وجمعت أخيرا في مكان واحد لتروي حياة الملك الطفل منذ اكتشاف مقبرته، مرورا بتفاصيل حياته، وصولا إلى طقوس جنازته، وفق سيناريو عرض متحفي يزاوج بين التوثيق والجمال.
إن الهدف من هذه العملية، يضيف، لم يكن مجرد نقل القطع الأثرية من المتحف المصري بالتحرير، بل إقامة مركز ثقافي متكامل يجمع بين البحث العلمي والتعليم والترميم والعرض الجذاب، ليصبح المتحف فضاء حيا للتفاعل بين الزائر والحضارة، حيث تتحول كل قطعة أثرية إلى رواية يمكن لمسها وفهمها، ليعيش الزائر تجربة تجعل التاريخ نابضا أمام عينيه.
وفي رده عن غياب المومياء الملكية في المتحف المصري الكبير، أكد الرئيس التنفيذي للمتحف المصري الكبير على ضرورة إبقاء المومياء في مكانها الطبيعي حفاظا عليها وعلى أصالتها، حيث تتوفر جميع الظروف التقنية لصونها وحمايتها من آثار الزمن والزحام السياحي.
هندسة تخاطب الشمس والزمان
صممت الهندسة المعمارية للمتحف المصري الكبير لتكون امتدادا عضويا للأهرامات، في تواصل بصري وجغرافي يربط بين الماضي العريق والحاضر المعاصر. فالمتحف لا يجاور الأهرامات فحسب، بل يتفاعل معها في انسجام فريد، حيث يشكل الضوء جزءا أساسيا من السرد المعماري والرمزي للمكان.
تسمح الواجهة الزجاجية الواسعة والشفافة للمتحف برؤية بانورامية خلابة للأهرامات الثلاثة من الداخل، في مشهد يذكر الزائر بعظمة الحضارة المصرية القديمة. أما التصميم الداخلي، فقد أبدع المعماريون في صياغته ليقود الزائر في مسار متدرج من الضوء إلى الظلال، في محاكاة رمزية لرحلة الإنسان عبر الزمن.
يقول أحمد غنيم: "كل زاوية، وكل شعاع ضوء في هذا المتحف صمم بعناية ليجعل الزائر جزءا من الحدث، لا مجرد مراقب له." فالإنارة الطبيعية تتفاعل مع قاعات العرض وفق نظام هندسي دقيق، فتسلط الضوء على القطع الأثرية في لحظات محددة من اليوم، وكأن أشعة الشمس تحييها من جديد.
بهذا التفاعل الفريد بين الضوء والحجر، تتحول زيارة المتحف إلى تجربة روحية وبصرية متكاملة، تتجاوز حدود المكان والزمان، لتعيد إلى الزائر إحساسه بالانتماء إلى حضارة صنعت التاريخ وخلدت أثرها في وجدان الإنسانية.
زيارة المتحف... تجربة حية ومتكاملة
لا يقتصر المتحف على كونه فضاء للعرض، كما يوضح رئيس المتحف، بل هو مركز ثقافي حي يضم معامل ترميم متقدمة، ومكتبة متخصصة، ومسارح وقاعات للمؤتمرات، ومساحات تعليمية للأطفال والباحثين. كما يوفر برامج وورش عمل تعليمية وتفاعلية تهدف إلى تعزيز الوعي بالتراث المصري، وتشجيع الزوار على التفاعل المباشر مع تاريخهم وحضارتهم.
ويضيف أن الهدف من هذا الصرح ليس مجرد عرض القطع الأثرية، بل خلق تجربة متكاملة تحاكي رحلة الإنسان عبر التاريخ، حيث يلتقي التعلم بالمتعة والثقافة بالإلهام، ليغادر الزائر المتحف وهو يشعر بعمق التواصل مع حضارة أمة عريقة.
ويختم أحمد غنيم بالقول: "المتحف يجمع بين البعد الثقافي والاستثماري، ويمنح مصر حضورا عالميا متجددا. إنها ثمرة لا تقطف في يوم واحد، بل أثر يبقى في وجدان الزائر، مثل ضوء لا ينطفئ على جدران التاريخ."
ثمانية عشر عاما من الإبداع في خدمة التاريخ
في قلب المتحف المصري الكبير، لا تبدأ الرحلة من القطع الأثرية نفسها، بل من اليد التي أعادت إليها الحياة. عملية الترميم، بكل صبرها ودقتها، لم تكن مجرد عمل تقني، بل فن يحكي قصة الحضارة المصرية ويمنح الزائر فرصة للاقتراب من التاريخ كما لم يحدث من قبل. كل حجر يعاد ترتيبه، وكل نقش يستعيد رونقه، ليصبح المتحف مساحة تتنفس فيها آلاف السنين من الإبداع والابتكار.
مع افتتاح المتحف، يقف الزائر أمام صرح يحكي آلاف السنين بصمت، حيث تتحدث القطع الأثرية همسا عن حضارات عظيمة، وكل حجر وزخرفة يخفي حكاية تتخطى حدود الزمن، هكذا تحدث عيسى زيدان، مدير عام الترميم ونقل الآثار، لوكالة المغرب العربي للأنباء قائلا: "بدأنا الرحلة منذ إنشاء مركز الترميم، وخضعت كل قطعة لتقييم دقيق، لنمنحها الحياة من جديد، ولتظل شاهدة على إبداع الإنسان المصري عبر العصور."
على مدار ثمانية عشر عاما من العمل الدؤوب – يواصل خبير الآثار المصري – لم يكن الترميم مجرد عملية تقنية، بل حوارا حيا بين الماضي والحاضر. ففي كل ركن من أركان المتحف، يشعر الزائر وكأنه يسير بين أبواب التاريخ، يلامس عبق الزمن ويستشعر هذا التاريخ الخالد.
دقة الترميم... جسر بين الحضارات والإنسان المعاصر
في قلب كل قطعة أثرية يكمن تاريخ يمتد لآلاف السنين، وما بين يد المرممين الدقيقة والمواد المختارة بعناية، يولد الجسر الحقيقي بين الماضي والحاضر. الترميم هنا ليس مجرد تصحيح أو حماية، بل فن يربط الإنسان المعاصر بإبداع الحضارات القديمة، ويتيح له قراءة قصصها دون حواجز الزمن.
ويشير عيسى زيدان إلى أن كل خطوة في عملية الترميم كانت محسوبة بعناية، لضمان أن يجد الزائر نفسه أمام تجربة تربط بين عمق التاريخ وروح الحاضر. ومن البهو العظيم إلى قاعات دير المدينة، مرورا بعالم الملك خوفو، ووصولا إلى عرض مقتنيات توت عنخ آمون، يتحول المتحف إلى جسر يربط بين حضارات مصر القديمة والزائر المعاصر.
ويتوقف زيدان عند الدور الذي اضطلع به المركز، موضحا أنه لم يعد مجرد مكان لصيانة القطع، بل أصبح مرجعا علميا للباحثين من مختلف أنحاء العالم، يتيح للجميع فهم الحضارات القديمة بعمق.
ومع كل زيارة، يبقى المتحف المصري الكبير حيا في ذاكرة كل زائر. فكل ركن فيه، وكل قطعة أعيدت إليها الحياة بمهارة، تحكي حكاية لا تنتهي، وتدعو إلى إعادة اكتشاف عبقرية حضارة صنعت التاريخ، مانحة الإنسان المعاصر فرصة لملاقاة عبقرية الماضي وجها لوجه.