- 20:26عاجل: السلطات الإسبانية تقبل مساعدة المغرب لتطهير المناطق المنكوبة
- 19:41الإعلان عن انقطاع الماء الصالح للشرب في 20 جماعة ترابية
- 18:50الحكم بحبس إمام عاشور لاعب الأهلي 6 أشهر بتهمة الاعتداء على رجل أمن
- 18:07مجلس عمالة الدار البيضاء يخصص 300 مليون سنتيم كمنحة إضافية للوداد والرجاء
- 17:41 3 لاعبين مغاربة ضمن قائمة ملوك المراوغات في الليغا
- 17:30تفاصيل جدول أعمال الحكومة
- 17:16كلاسيكو خاص بين أساطير ريال مدريد وبرشلونة في طوكيو
- 16:46فرض 70 درهما لدخول مسجد الحسن الثاني يشعل غضب الزوار والسياح
- 16:10هذا ما قررته ابتدائية الجديدة في حق إلياس المالكي
تابعونا على فيسبوك
الصحة... كمجال للتفكير
وليد الميموني
بعيدا، هذه المرة، عن الأرقام وتحليل البيانات والمضامين، وابتعادا عن المقارنات المجالية (قروي/حضري) والتي لازمتنا كثيرا، وأمام التطور المضطرد للطب والعلاج وللتكنلوجية البيوطبية، يضل وبشكل ملح التخيل والتفكير والتساؤل حول الصحة وفقدانها وماهيتها موضوع اشتغال المفكرين وذوي الإهتمام بإشكالات الصحة.
وقد قدمت في دستورها وأدابياتها "منظمة الصحة العالمية سنة 1948" تعريفا للصحة يوفق بين حسن الحال الجسدي والذهني والإجتماعي، المعنى الذي يتوافق مع ما جاءت به المقاربة الشاملة والتي تعتبر أن الصحة ليست فقط "صمت الأعضاء". إلا أن هذا لا يمنع من تحليل مضامين الخطاب الطبي والقول إن المعرفة الطبية أنتجت خطابا عياديا شدد أكثر على موضوع المرض والألم، من اهتمامه بحال الصحة الحسنة نفسها. وفي كتاب "تاريخ الجنون" (1961)، و"ولادة العيادة" (1963)، كان "ميشال فوكو" واحدا من الباحثين الذين ناهضوا خطاب المرض، الذي يستبعد الصحة الحسنة ضمنيا، وحاولوا إظهار حدوده.
وفي السياق نفسه، لا يمكن للبعد العضوي وحده أن يختصر ظاهرة الألم. حيث تبين من خلال الدراسات الإجتماعية والأنثروبولوجية أن الطب المعاصر صار طبا علاجيا بامتياز، فيما كان للمرض قديما ولدى الشعوب التي تحتفي بالجسد دلالة اجتماعية تتمثل في تداول المرض داخل الجماعة حيث يتمحور سؤال الطب حول الصحة وتمامها وحسن حالها، فيما يدور الطب اليوم حول المرض. وبتراجع هذا المعنى، وغياب أثر المجتمع ضمن أعراض المرض والمراضة، أصبحت النظرة العيادية هامدة، ويندرج المريض في خانة "حالة".
هذا، وقد أكد الفيلسوف الألماني "هانز غادامير" شيخ الفلاسفة (1900-2002) في كتابه "فلسفة الصحة" (باريس، 1998)، أن سلوك الإنسان لحفظ الصحة يفتقد لأساس علمي متماسك، وبعبارة أخرى، فإن الطابع الخفي للصحة يشير إلى غياب النظر الموضوعي للصحة في الخطاب العلمي. وفي نفس الكتاب "فلسفة الصحة"، يذكر "غادامير" بما قاله "أفلاطون"، من أنه لا يمكن شفاء الجسم من دون شفاء النفس، أي من دون الإلمام بطبيعة الكل الإنساني. كما لاحظ أن الصحة هي شيء نعرفه، لكننا، لا ندرك كنهه.
وفي هذا المعنى تظهر الصحة كتناغم فريد بين طبيعة الإنسان وحاله من جهة، وبين ما يتهدده فيزيائيا واجتماعيا من جهة أخرى. وبكون الطب الحديث يتميز بالتخصص، فإنه لا ينجح في تقديم العون المطلوب حين يتعلق الأمر بإضفاء معنى على حياة المرء الفردية في صورتها الشاملة، ولا حتى بوصفه ذاتا اجتماعية. وبحسب المنهج التأويلي لـ"غادامير"، يجدر التفكير بالصحة كشيء يجب إخضاعه للتفسير والحوار والإصغاء، باعتبار أن الصحة تجربة توازن، في معنى إنساني واسع. وانطلاقا من هذه النظرة فكر "غادامير" بأن المرض يشبه تجربة فقدان التوازن، سواء داخل الجسم عضويا، أو بين الإنسان ومحيطه.
والصحة كانت في ما مضى وما تزال مجالا متسعا للتفكير باعتبار أن الفلسفة تمنح دون غيرها إمكانيات النقد وطرح الأسئلة، ومن هنا تكمن أهمية السؤال التالي: ماذا يمكن أن تقوم به الفلسفة وماذا ينتظر منها في مجال الصحة؟ وإلى أي مدى يمكن أن تكون الفلسفة عملية في مجال الصحة؟ وكيف تقاس الصحة؟.