- 18:05خبير إسباني: الدرونات التركية طفرة نوعية في قدرات المغرب العسكرية
- 17:37ميداوي يستغني عن مكاتب الدراسات ويعوضها بالجامعات
- 17:26الجماهير البيضاوية مستاءة من إجراء مباراة الديربي بدون جمهور
- 17:04السلطات الجزائري تعتقل الكاتب بوعلام صنصال
- 16:51بركة يُوضّح بشأن تقدم أشغال مستشفى سيدي يحيى الغرب
- 16:42مهرجان فاس لسينما المدينة يحتفي بالإبداع النسائي في دورته الـ28
- 16:32تقرير يشيد بالتحول الاقتصادي والبيئي الذي حققه المغرب
- 16:23القيادة العامة للجيش تفتح تحقيقا في وفاة ضابطين بعد تحطم طائرة ببنسليمان
- 16:11اتفاقية تعاون بين البريد بنك ومؤسسة محمد السادس للعلوم
تابعونا على فيسبوك
كفاكم ضحكا على ذقون الفقراء..
بقلم : كوثر بن العيفر
أعادتنا مأساة "شهيدات الرغيف" التي شكلت موضوعا كبيرا للنقاش إلى طرح العديدمن التساؤلات حول واقع الفقراء الذين لا ذنب لهم سوى أنهم ولدوا في بلد مليء بالمتناقضات.. بلد غني بالثروات ومؤهل لأن يكون من بين أغنى الدول بيد أن الفساد الذي ينخر كافة قطاعاته وإداراته ومؤسساته بكل تمظهراته وعلى رأسها نهب المال العام يجعله دائما يحتل المراتب الأخيرة في التصنيفات الدولية حول التنمية.
"لا أحد يموت جوعا" هذه المقولة التي يحاول الأغنياء الضحك من خلالها على ذقون الفقراء، لم تعد مقنعة، فقد أتبثت فاجعة "شهيدات الرغيف" زيفها ومكرها في الآن ذاته..نعم، فيوم الأحد الماضي ماتت 15 سيدة بسيدي بولعلام بضواحي مدينة الصويرة دهسا تحت الأقدام، لأن الفقر قتل كرامهتن وجعلهن يتهافتن للوصول إلى قفة لا يتعدى ثمنها 150 درهما بها كيس دقيق وقنينة زيت وسكر وشاي، وكانت المأساة صورة مصغرة لواقع يعيشه 13 مليون مغربي، بينهم 8 ملايين يعيشون تحت عتبة الفقر أي بمدخول يومي لا يتجاوز 10 درهم (دولار واحد لا أكثر)، يحاولون من خلالها تغطية حاجياتهم اليومية والضرورية... وهؤلاء لا يعرفون شيئا عن الحياة سوى أنها معركة حقيقية وكبرى، يتوجب خوضها بكل مشاقها لسد رمق أفراد أسرة غالبا ما تجربهم دروب الانحراف إلى الهاوية..فأي أي بلد هذا الذي يوصل فقراءه إلى الموت من أجل "فقة" إعانة بسيطة جدا ربما لا تكفي لسد حاجيات الأسرة التي تتسلمها لأيام؟
الواقع الذي عرت عنه الفاجعة وتناولته العديد من وسائل الإعلام الأجنبية صادم جدا، ويكشف أن المغرب يعيش تناقضا صارخا، وهوة أكبر من شاسعة بين أغنيائه الذين يمثلون نسبة 1 في المائة من مجموع الساكنة وينهبون 80 في المائة من خيرات هذا البلد وثرواته، ويصنفون ضمن قوائم أغنى أغنياء العالم، وبين فئة "الشعب" الذي لا تزيده السياسات التي ينتهجها المسؤولون إلا تفقيرا وإحباطا، بل والأنكى من ذلك سخطا على الوضع برمته.
أن يصبح سعر الحياة في هذا البلد هو 150 درهما، من أجلها غامرت النسوة بحياتهن ودفعنها ثمنا للحصول على "قفة المذلة" التي لا تحل مشكل الفقر بقدر ما ترسخ الحقد في نفوس المستفيدين منها، فهذه قمة الإهانة، وهي وصمة عار كبيرة على جبين البلد، لن تمحوها كل المساحيق التي يحاول ناهبو خيرات البلاد وضعها على وجه تنميته بمشاريع غالبيتها تعرف تعثرات كبرى ولا تخرج إلى الوجود إلا بعد الغضبات الملكية التي تحل بالمشرفين عليها..لأنه وببساطة شديدة لا يمكن حل مشكل الفقر بقفة وإنما بسياسات وبرامج اجتماعية تحفظ كرامة الفقراء أولا ثم تحد من الهوة الشاسعة بينهم وبين تلك الطبقة التي ولد أبناؤها وفي فمهم ملعقة من ذهب لأن آباءهم يعرفون من أين تؤكل الكتف على حد تعبيرهم الماكر.
قبل أيام قليلة شاهدت شريط فيديو لأسرة في منطقة مابين الفقيه بنصالح وواد زم تعيش فقرا أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه مدقع يوجه فيه رب الأسرة - وهو رجل بلغ من العمر عتيا ويعيش رفقة أبنائه في كوخ بلاستيكي لا يتوفر على أدنى شروط الحفاظ على كرامته- نداء للمسؤولين بأن يخلصوه من أبنائه الثلاثة المصابين بإعاقات ذهنية وجسدية لأنه لم يعد قادرا على تحمل أدنى متطلباتهم للعيش هو وزوجته، مضيفا بالحرف "إلا مت غادي ياكلوهم لكلاب".
أن يطلب الإنسان تخليصه من فلذات كبده، فهذه أفظع درجة من القسوة يمكن أن يوصل إليها الفقر، ولم ينطق الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن هوى عندما قال مقولته الشهيرة "لو كان الفقر رجلا لقتلته".
فما الذي سنطلبه مستقبلا من شخص لم يعد قادرا على التشبث بأبنائه؟ أي وطن هذا الذي يطالب أبناءه بحبه وهو لم يحبهم ولم يحفظ كرامتهم؟ تم ما الذي سننتظره من 45 طفلا تركتهم "شهيدات الدقيق" يتامى بعد موتهن؟ ومن منا قادر على تجاوز بشاعة هذا البؤس الكبير؟
الدولة اليوم مطالبة بالكف عن حلولها الترقيعية، والتفكير جذريا في هاته الشريحة الكبيرة من المجتمع التي لا أحد يضمن استمرار صمتها، فكما هو معلوم هناك جهات كثيرة تحاول الركوب على مثل هاته الأحداث خدمة لأجندات أجنبية هدفها زعزعة استقرار البلاد وخلق البلبلة لأن شرارات الغضب عندما تنطلق ف"واهم" من يعتقد أنه قادر على إخمادها.