X

الدبلوماسية البرلمانية والموازية: اختيار المرافعين المناسبين للدفاع عن القضية الوطنية للصحراء

الدبلوماسية البرلمانية والموازية: اختيار المرافعين المناسبين للدفاع عن القضية الوطنية للصحراء
الاثنين 14 - 16:08
Zoom

بقلم البرلماني: أنور صبري


يعتبر تعزيز صورة المغرب على المستوى الدولي مسألة سيادية، وقضية وطنية يجب أن تحظى بدعم كبير داخل البرلمان بتصميم لا يتزعزع. فصورة المغرب لا تتشكل فقط من خلال نجاحاته الاقتصادية أو مشاريعه الهيكلية، بل أيضًا من خلال الطريقة التي يدافع بها عن شرعيته الإقليمية ويروج لها على مستوى العالم.
لقد جعلني خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس، خلال افتتاح الدورة التشريعية، أفكر في واقع تدخلاتنا ضمن إطار تعزيز صورة المغرب على الساحة الدولية، خاصة عندما تناول هذا الموضوع الاستراتيجي المرتبط بقضية الصحراء بشكل مباشر وواضح.

التحدي الذي يواجه المغرب ليس فقط في الدفاع عن شرعيته الإقليمية، بل يتطلب تطوير استراتيجية تقوم على تعزيز صورة المغرب كدولة، من خلال استثمار مواهب متنوعة تتماشى مع التحديات الدولية. 

في الدبلوماسية البرلمانية والموازية، يتطلب الترويج لقضيتنا الوطنية اختيار مرافعين بعناية فائقة، قادرين على تمثيل المغرب بكفاءة، ومسؤولية، ومصداقية.
 يجب تمييز كل فاعل في هذه الدبلوماسية بناءً على معايير دقيقة، بحيث تتناسب مهاراتهم وخبراتهم مع الأهداف والسياق الدولي الذي تعمل فيه العلاقات الدبلوماسية للمملكة.

يتعلق الأمر بتحديد المرافعين والجماهير المستهدفة وفقًا لطبيعة وموقف الدول المقابلة، كما يجب إعداد خريطة مفصلة تحدد من ناحية، الدول التي تدافع بقوة عن قضيتنا، ومن ناحية أخرى، تلك التي تتردد أو لم تقتنع بعد، لذى فكل فئة تتطلب نهجا مختلفا، ومن الضروري أن يكون المتحدثون لدينا على استعداد تام وفقًا لذلك.

لكن لاننسى أن الدول ليست هي الفاعل الوحيد في هذا المجال، فهناك العديد من المنظمات ومراكز الفكر ومجموعات الضغط التي تلعب دورًا حاسمًا في تشكيل الآراء والسياسات الدولية. لذلك، من الضروري أن تتبنى الدبلوماسية البرلمانية استراتيجية واضحة لتحديد هذه الجهات الفاعلة وتوجيه رسائلها ضمن إطار تعزيز صورة المغرب كدولة أساسها وحدتها الترابية.

لم يعد بإمكان تعزيز صورة المغرب كدولة أن يكون عبارة عن مبادرات متفرقة، بل يجب أن يتحول إلى سياسة برلمانية شاملة، إطار واضح يعبئ جميع الوسائل المتاحة.
 يجب أن تكون هذه السياسة شاملة وتضم متحدثين من جميع فئات البرلمان، شبابًا وكبارًا، رجالًا ونساءً، يتحدثون العربية بالإضافة إلى لغات أخرى كالإسبانية، الإنجليزية، والفرنسية.

فكل لغة هي بوابة لدخول حضارة أخرى، ولا يمكننا التأثير إذا لم نتحدث لغة الآخر، ولا يمكننا الادعاء بفهم بلدٍ ما دون معرفة ثقافته. وهنا تأتي أهمية تنوع المهارات اللغوية والثقافية لمتحدثينا كأداة دبلوماسية حاسمة.

في إطار الدبلوماسية البرلمانية، كما هو الحال في البرلمان عمومًا، فإن للكلمة تأثيرًا قويًا لا يمكن إنكاره.

الطريقة التي يعبر بها المتحدث، والقدرة التي يمتلكها على الإقناع، وأسلوب تجسيد حججه، كلها عوامل حاسمة.

لا يكفي أن تكون لدينا حجج قوية، بل يجب أيضًا أن نعرف كيف نعبر عنها بقوة وإقناع. المتحدث الذي يتقن فن الخطاب يمكنه تغيير آراء الآخرين.
إلى جانب هذه الكفاءات البشرية، هناك حاجة ماسة للتخطيط الاستراتيجي.

فنجاح الدبلوماسية البرلمانية والموازية يعتمد على توقع الأحداث المهمة والمواعيد الدولية الرئيسية. من الضروري إعداد قائمة بالأحداث البارزة والأماكن الرمزية التي يجب أن يمثل فيها المغرب بشكل قوي، مع ضمان تنوع في الأصوات المتحدثة.

تضمن هذه المقاربة الشاملة أن تكون الكفاءة هي العنصر الأساسي في اختيار المتحدثين لأن الأمر يتعلق بقضية وطنية.

في هذا السياق، يجب أن يكون لكل حزب سياسي وكل فاعل في المجتمع المدني دور في أجندة دبلوماسية برلمانية متماسكة وشاملة. سيساعد ذلك في ضمان أن يظل دفاعنا عن قضية الصحراء حاضرًا بقوة على الساحة الدولية، معزَّزًا بأصوات متنوعة لكن برسالة واحدة موحدة.

أصرُّ على أن تعزيز صورة المغرب كدولة لا يمكن أن يكون مسؤولية لجنة واحدة أو مجموعة محددة، بل يجب أن يكون مهمة البرلمان ككل بدعم سياسي قوي، لأنه يتعلق بسيادتنا الوطنية.


إقــــرأ المزيد