- 10:04خبير: الأنفلونزا الموسمية قد تميت الفئات الهشة مناعيا
- 09:37إشادة إيفوارية بالنموذج المغربي في التدبير المستدام للموارد الفلاحية
- 09:19الاتحاد الفرنسي يرفض استئناف سان جيرمان ضد مبابي
- 09:05أصحاب المقاهي والمطاعم يسلمون الحكومة ملفهم المطلبي
- 08:44قمة مثيرة بين ميلان ويوفنتوس في الكالشيو
- 08:05هجوم مسلح ينهي حياة مدرب تركي
- 07:01الرشيدي يتفقد عدداً من مؤسسات الحماية الإجتماعية بجهة سوس
- 06:44أجواء غير مستقرة في توقعات أحوال الطقس ليوم السبت
- 21:47كان السيدات...اللبوءات في مجموعة قوية
تابعونا على فيسبوك
الداكي يُبرز جهود مكافحة الجريمة البيئية
أكد "مولاي الحسن الداكي"، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، يومه الخميس 11 يوليوز الجاري بمراكش، بمناسبة افتتاح ندوة "الجريمة البيئية ودور القضاء في مكافحتها" المنعقدة على هامش المؤتمر السابع عشر لجمعية النواب العموم الأفارقة، أن المملكة المغربية، مهد السلام وتلاقح الحضارات، وتعايش الديانات والثقافات، وصلة الوصل بين أفريقيا وأوروبا خدمة لعلاقات التعاون جنوب - جنوب القائمة بين المغرب وبين الدول الأفريقية الشقيقة والصديقة، وفق الرؤية الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وقال "الداكي"، إن انعقاد هذه الندوة الدولية يعكس الإهتمام البالغ الذي توليه المملكة المغربية لموضوع البيئة، كما يعكس العمق الإستراتيجي الذي يحظى به هذا الموضوع ضمن السياسات العمومية للدولة، فمدينة مراكش التي تحتضن اليوم هذه الندوة سبق لها أن احتضنت مؤتمر المناخ 22 (COP 22) خلال سنة 2016، والتي حُقَّ أن تجمع بين شهادة التاريخ لها باحتضان العديد من الفعاليات البيئية الدولية والقارية وجغرافية اللقاء المتواصل من أجل تعاون في شتى المجالات بما في ذلك تعاون قضائي فعال ومشترك بين الدول الأفريقية، مُعتبرا أن عقد هذه الندوة بهذا الحجم من الحضور المتميز للخبراء المتخصصين محطة فارقة في تناول موضوع البيئة، نظرا لما يتمتع به المتدخلون والخبراء المشاركون من خبرة ميدانية وتجربة راسخة تتنوع مقارباتها وتتعدد مشاربها من شأنها أن تساهم في إغناء النقاش وبلورة الخطوط العريضة لرؤى مستقبلية تنهل من تلاقح التجارب، وتُؤسس لحوار قضائي بيئي رصين سيشكل أرضية مشتركة لنا جميعا نتَلَمس من خلالها آفاق التعاون وتطوير تجاربنا وفق الممارسات الفضلى التي ستكشف عنها لامحالة تدخلات المتدخلين وتفاعلات الحضور.
وأبرز الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، أن اهتمام المملكة المغربية بالقضايا البيئية وريادتها في مجال الإبتكار البيئي وتجاربها الرائدة في مجال الطاقات النظيفة والمتجددة وتعاطيها المستمر مع التحديات التي تطرحها المعيقات البيئية يجد أساسه في الإستراتيجية الوطنية التي تبناها المغرب في مجال البيئة والتي تستند إلى مقومات واضحة المعالم وآليات فعالة قادرة على الإستجابة لمختلف المستجدات ورفع التحديات التي يطرحها الواقع البيئي، موضحا أن دستور المملكة لسنة 2011 شَكَّل نقطة ارتكاز محورية لتصور المملكة لكيفية التعاطي مع القضايا البيئية، حيث اعتبر هذا الدستور الحقوق البيئية ضمن منظومة حقوق الإنسان إذ أكد على ذلك بموجب الفصل 35 الذي ألزم الدولة بتحقيق تنمية بشرية مستدامة والحفاظ على الثروات الطبيعية الوطنية، كما أكد على ضرورة تمتيع كل من الرجال والنساء على قدم المساواة بحقوقهم البيئية من خلال الفصل 19، وعلى هذا المنوال سار المغرب في بناء مقاربة استراتيجية شاملة متعدد الأبعاد منها ما هو دولي ومنها ما هو وطني.
وأشار إلى أن المغرب بحكم كونه عضوا فاعلا في المنظمات الدولية فقد صادق على العديد من الاتفاقيات الدولية المتصلة بالمجال البيئي من بينها اتفاقية التنوع البيولوجي التي وقعت عليها المملكة المغربية خلال قمة الأرض بِرِيو بالبرازيل سنة 1992، اتفاقية الصحة النباتية في إفريقيا، اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في البلدان التي تعاني من الجفاف الشديد ومن التصحر وبخاصة في إفريقيا، واتفاقية بشأن الحفاظ على طيور الماء المهاجرة الإفريقيةء الأورو أسيوية. كما احتضنت المملكة المغربية العديد من المؤتمرات الدولية التي تناولت قضايا البيئة، وتتويجا لهذه الفاعلية واعترافا بالجهود المتميزة للمملكة المغربية في مجال دعم القضايا البيئية فقد تم انتخابه رئيسا للدورة السادسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة (UNEA-6)، ووقَّع على الشراكة الخضراء مع الإتحاد الأوروبي خلال أكتوبر 2022.
وأضاف رئيس النيابة العامة، أن المغرب تبنَّى مقاربة بيئية استراتيجية مندمجة وفقا للتوجيهات الملكية السامية التي أعلن عنها جلالة الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش المجيد بتاريخ 30 يوليوز 2010 والتي دعا من خلالها الحكومة إلى إعداد ميثاق وطني لحماية البيئة والتنمية المستدامة حيث جاء في الخطاب الملكي السامي ما يلي: "ومن هنا ندعو الحكومة لتجسيد التوجهات الكبرى للحوار الواسع بشأن إعداد ميثاق وطني لحماية البيئة والتنمية المستدامة، في خطة عمل مندمجة، بأهداف مضبوطة وقابلة للإنجاز في كل القطاعات". انتهى النطق الملكي السامي. وعلى هَدْي هذا التوجيه الملكي السامي، تم وضع أسس الإستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة 2030 من أجل رفع رهانات تعزيز حكامة التنمية، وتحقيق الإنتقال التدريجي نحو الإقتصاد الأخضر، وتحسين تدبير وتثمين الموارد الطبيعية، والتنوع البيولوجي، والتصدي للتغير المناخي، والإعتناء بالمجالات الترابية الهشة، وتقليص الفوارق الإجتماعية والمجالية، وتشجيع ثقافة التنمية المستدامة.
وأفاد بأن من نتائج هذا التوجه الإستراتيجي سن القانون الإطار رقم 99.12 بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة الذي حدد الأهداف الأساسية لنشاط الدولة في مجال حماية البيئة والتنمية المستدامة، بما في ذلك ملاءمة الإطار الوطني مع الإتفاقيات والمعايير الدولية ذات الصلة بحماية البيئة والتنمية المستدامة، كما تم سن العديد من التشريعات البيئية نذكر منها القانون رقم 29.05 المتعلق بحماية أنواع النباتات والحيوانات المتوحشة المهددة بالانقراض ومراقبة الإتجار فيها الصادر سنة 2011، القانون رقم 36.15 المتعلق بالماء الصادر سنة 2016 والقانون رقم 49.17 المتعلق بالتقييم البيئي الصادر سنة 2020. مؤكدا أن التشريع المغربي أقرَّ العديد من الجرائم البيئة نذكر منها الجنح والمخالفات الغابوية، مخالفات القانون رقم 77.15 المتعلق بمنع الاكياس البلاستيكية واستيرادها وتصديرها، مخالفات القانون رقم 28.00 المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها، مخالفات القانون 13.03 المتعلق بمكافحة تلوث الهواء، ومخالفات القانون رقم 29.05 المتعلق بحماية أنواع النباتات والحيوانات المتوحشة ومراقبة الإتجار فيها، كما تميزت مختلف التشريعات البيئية الزجرية بطابع الصرامة في العقوبات والذي يبرز من خلال إقرار عقوبات سالبة للحرية بالإضافة إلى غرامات مالية مرتفعة.
كما عمل المغرب، يورد "الداكي"، على تعزيز بنياته المؤسساتية المعنية بقضايا البيئة، وفي مقدمتها مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة التي تأسست بمبادرة من جلالة الملك محمد السادس خلال شهر يونيو 2001 وعُهِد بترؤسها للأميرة للا حسناء، وتضطلع هذه المؤسسة بأدوار ريادية في مجال التربية والتحسيس بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، كما تساهم في تحقيق أهداف برنامج الأمم المتحدة للتنمية المستدامة في أفق 2030 وكذلك أجندة الإتحاد الأفريقي لعام 2063، وإلى جانب ذلك تضطلع باقي مؤسسات الدولة المهتمة بمجال البيئة بأدوار جد مهمة في تنزيل السياسات العمومية في هذا المجال. مشيرا إلى أن مؤسسات الدولة عملت على إشراك الجمعيات في اللقاأت الإستشارية والتنسيقية المتعلقة بالبيئة والتنمية المستدامة، بالإضافة إلى دعم المبادرات الجمعوية البيئية وتنظيم دورات تكوينية لفائدة الجمعيات العاملة في هذا المجال، هذا فضلا عن تطوير البحث العلمي والأكاديمي في قضايا البيئة.
وسجَّل أن رئاسة النيابة العامة انخرطت وفق خطة مندمجة في المساهمة في تلك الجهود، وذلك بتبني مقاربة متعددة الجوانب من ضمنها إحداث بنية إدارية يدخل في مجال اختصاصها تتبع قضايا الجرائم البيئية. وشدد أنها عملت على توجيه العديد من الدوريات والمناشير المتصلة بحماية البيئة إلى النيابات العامة على مستوى مختلف محاكم المملكة بهدف تفعيل دورها في تنفيذ كل ما يرتبط بالسياسة الجنائية في ما له علاقة بالقوانين المستجدة، من بينها دورية تتعلق بحماية الموارد المائية؛ والدورية المتعلقة بالقانون رقم 69.18 الصادر سنة 2021 الخاص بالتلوث الناجم عن السفن؛ كما أصدرت منشورا حول تفعيل القانون رقم 29.05 المتعلق بحماية أنواع النباتات والحيوانات المتوحشة المهددة بالانقراض ومراقبة الإتجار فيها. إضافة إلى تنسيق الجهود في مجال حماية البيئة مع العديد من المؤسسات الوطنية منها وزارة الداخلية ووزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات والمندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر والتي أثمرت عن التوقيع على دورية مشتركة بتاريخ 06 فبراير 2019 تحت عدد 19-1 تستهدف الحرص على تكثيف المراقبة والتنسيق وتقديم المساعدة بين كل القطاعات ذات الصلة بهدف رصد الأنشطة غير المشروعة المرتبطة بمحاربة كل أشكال الإتجار غير المشروع لكل أنواع النباتات والحيوانات المتوحشة المهددة بالإنقراض، كما عززت تعاونها مع العديد من المنظمات الدولية من قبيل الصندوق الدولي للرفق بالحيوان وبعض الدول الأجنبية.
كما امتد عمل رئاسة النيابة العامة مع المؤسسات الدولية ذات الصلة بقضايا البيئة حيث ساهمت، باعتبارها عضوا ملاحظا بالمجلس الإستشاري للوكلاء الأوروبيين، في إبداء الرأي بخصوص الرأي الإستشاري رقم 17 الرامي إلى إبراز أهمية النيابة العامة في حماية البيئة من المتغيرات البيئية التي تهدد الأمن البيئي على الصعيد الدولي. كما شاركت في إطار تنزيل اتفاقية توأمة موقعة مع السفارة الإسبانية في مجال الحماية الجنائية للبيئة. ولفت إلى إعلان الشبكة الأوروبية للوكلاء من أجل البيئة على هامش اجتماعها السنوي المنعقد بلاهاي بتاريخ 30 شتنبر 2022 عن منح جائزة GAIA للتميز لسنة 2022 في نسختها الأولى لرئاسة النيابة العامة بالمملكة المغربية. هذا فضلا عن قبول عضوية المملكة المغربية كملاحظ بالشبكة الأوروبية للوكلاء الأوروبيين من أجل البيئة، والتي تضم مختلف النيابات العامة بالدول الأوروبية. وتابع أن رئاسة النيابة العامة وضعت برنامجا مندمجا لتكوين قضاة النيابة العامة لتعزيز مؤهلاتهم في قضايا البيئة، وفي هذا السياق استفاد خلال سنة 2018 ما مجموعه 51 قاضيا للنيابة العامة من دورات تكوينية جهوية تم تنظيمها من طرف كتابة الدولة المكلفة بالبيئة والتنمية المستدامة حول موضوع التقييم البيئي، وخلال سنة 2019 استفاد ما مجموعه 22 قاضيا للنيابة العامة من دورة تكوينية بالتنسيق مع نفس الجهة حول موضوع التشريع البيئي، أما سنة 2023 وفي إطار تنزيل اتفاقية التوأمة مع السفارة الاسبانية فقد تم تنظيم ندوة حول موضوع دور النيابة العامة في حماية البيئة استفاد منها 44 قاضيا للنيابة العامة بالإضافة إلى برامج تكوين متخصصة استفاد منها ضباط الشرطة القضائية وكذا أعوان ومأموري الإدارات العمومية المكلفة بالقطاعات البيئية.
أما على المستوى الدولي، فقد شاركت رئاسة النيابة العامة في العديد من الفعاليات الدولية ومنها مشاركة رئاسة النيابة العامة خلال سنة 2022 بناء على دعوة من السفارة الفرنسية في ندوة حول العدالة البيئية بالجمهورية التونسية، نظمت في إطار برنامج أوروميد، بالإضافة إلى حضور ورشة عمل حول الحماية الجنائية للبيئة بتاريخ 24 يونيو 2024 بالمملكة العربية السعودية من تنظيم جمعية النواب العموم العرب. وقد كان للبرامج التكوينية التي خضع لها قضاة النيابة العامة في مجال البيئة أثر كبير ظهر من خلال الجهود المبذولة من طرف النيابات العامة بمختلف محاكم المملكة في مجال محاربة كل أشكال الجرائم البيئية، حيث تم برسم سنة 2022 تحريك الدعوى العمومية في 19575 قضية تتعلق بمختلف مجالات البيئة توبع بموجبها 20362 شخصا، أما برسم سنة 2023 فقد تم تحريك الدعوى العمومية في 21645 قضية توبع في إطارها 23297 شخصا، وهو ما يعكس الجهود المتزايدة للتصدي للجرائم البيئية بمختلف أنواعها من قبل مختلف النيابات العامة لدى محاكم المملكة.
وخلص "الداكي"، إلى أن التحديات التي تُثيرها قضايا البيئة، وإن تعددت سبل مواجهتها، فإن تضافر جهود النظم القضائية لدولنا يعتبر أمرا لا محيد عنه وآلية مهمة للتصدي لمختلف أنواع السلوكيات الخارجة عن نطاق القانون في مجال البيئة، وفي هذا الصدد يشكل التعاون القضائي الدولي في مجال التصدي للجريمة البيئية آلية مهمة في سبيل تعزيز الجهود الرامية إلى تطويق مختلف أصناف الاعتداء على المجالات البيئية بالنظر للمستوى العابر للحدود الذي أصبحت تشكله الجريمة البيئية خاصة في ظل التحولات الكبرى التي أضحت قارتنا تعيشها على عدة مستويات، سواء الجغرافية أو الإقتصادية أو الإجتماعية أو الأمنية أو البيئية، وكذا في ظل الإشكالات التي أصبحت تثيرها التقلبات المناخية وأزمة الغذاء. مشيرا إلى أن المبادرة الملكية الأطلسية تُشكِّل آلية مهمة وقادرة على الإسهام في مجابهة كل تلك التحديات والمتغيرات نظرا لما تُشكِّله من فضاء للتعاون المبني على انفتاح المغرب على محيطه الأفريقي وعلى تضافر جهود كل الطاقات التي تزخر بها بلداننا الأفريقية لتوفير بيئة سليمة.