Advertising
  • الفَجر
  • الشروق
  • الظهر
  • العصر
  • المغرب
  • العشاء

تابعونا على فيسبوك

الذكرى الخمسون للمسيرة الخضراء...مسار جديد للسيادة المغربية على الصحراء

09:11
الذكرى الخمسون للمسيرة الخضراء...مسار جديد للسيادة المغربية على الصحراء

بقلم: عادل بن حمزة

القرار التاريخي لمجلس الأمن بعد زوال أمس الجمعة، يفتح مسارا جديدا للسيادة المغربية على الصحراء طال انتظاره، هذا الحدث التاريخي يصدر في وقت يستعد فيه المغاربة  لتنظيم احتفالات تاريخية الأسبوع القادم بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء التي مثلت حدثا بارزاً وفاصلا في موضوع تصفية الاستعمار في الصحراء المغربية

ومنذ ذلك التاريخ تشكل الذكرى لحظة وطنية للتأمل في المسار الطويل الذي قطعه المغرب لإثبات شرعية سيادته على أقاليمه الجنوبية، فخلال الخمسة عقود الأخيرة كان المغرب يواجه مشاريع تفتيت وحدته الترابية بكثير من الصبر والحزم والوضوح، سواء في علاقته بالأمم المتحدة أو بالدول الكبرى بل حتى بالجزائر التي تحتضن جبهة البوليساريو الانفصالية على أراضيها وتؤمن لها الدعم المالي والعسكري والسياسي والدبلوماسي.

حدث المسيرة الخضراء يتجاوز كونه ذكرى وطنية يتم الاحتفال بها سنويا إلى ما هو أوسع من ذلك، بحيث يمثل صفحة مهمة في تاريخ المغرب المعاصر، لأنه ارتبط بموضوع تصفية الاستعمار واستعادة جزء أساسي من التراب الوطني مزقته القوى الاستعمارية منذ اتفاقات الجزيرة الخضراء سنة 1906 وما قبلها، فالمغرب الذي كان يمثل إمبراطورية مترامية الأطراف في شمال وغرب إفريقيا والأندلس على امتداد الأسر التي حكمت المغرب، اقتطعت منه القوى الاستعمارية المختلفة أجزاء واسعة لخدمة المشروع الاستعماري القائم على استغلال الموارد الطبيعية في المنطقة إضافة إلى استثمار موقع المغرب الجيوستراتيجي. 

يجدر بنا في هذه اللحظات التاريخية العودة إلى خطاب الملك محمد السادس للسنة الماضية بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، و الذي جاء مثقلا بالرسائل خاصة في اتجاه الأمم المتحدة والجزائر دون تسميتها. يظهر ذلك بوضوح من خلال ما يأتي:

أولا - الشرعية الشعبية 

المسألة الأولى التي أشار لها الملك محمد السادس هي تشبث ساكنة الصحراء بمغربيتهم ومقدساتهم الوطنية ضدا على كل المؤامرات والدعايات التي تستهدفهم منذ أزيد من خمسين سنة، هذا الارتباط والتشبث يقوم أساسا على البيعة المستمرة عبر التاريخ مع ملوك المغرب، يضاف إلى ذلك ما أظهرته ساكنة الصحراء من إقبال على المنافسة الديمقراطية في الانتخابات الدورية التي عرفتها المنطقة منذ عودتها إلى الوطن الأم والتي تميزت على الدوام بنسب المشاركة العالية والقياسية بما يتجاوز كل المناطق المغربية الأخرى. 

ثانيا: تنمية الأقاليم الصحراوية

المسألة الثانية التي أكد عليها الخطاب الملكي هي ما يقوم به المغرب من جهود نهضوية وتنموية في الأقاليم الصحراوية التي تنعم بالأمن والإستقرار عكس الدعاية الانفصالية التي تتحدث عن الحرب والمواجهات العسكرية. الإهتمام بالمنطقة يجسده المغرب على الأرض من خلال برنامج تنمية الأقاليم الصحراوية والذي تصل قيمته إلى 77 مليار درهم، إذ أكد الملك محمد السادس في مناسبات سابقة على استمرار مشاريع التنمية في الصحراء، مع تثمين الواجهة الأطلسية من خلال التجهيزات اللوجيستيكية والمينائية، الاقتصاد البحري، السياحة البحرية مع استثمار كل الفرص الاقتصادية في المنطقة سواء بالنسبة للرأسمال الوطني أم الأجنبي. 

ثالثا - الدعم الدولي للسردية المغربية 

يتجلى ذلك بوضوح في سلسلة المواقف الدولية التي صدرت في السنوات الأخيرة والتي تعلن بكل شفافية ووضوح الاعتراف الدولي بسيادة المغرب على الصحراء وفي صلبه دعم مبادرة الحكم الذاتي حيث أن قرابة 85 بالمائة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تدعم المغرب، منها ثلاثة أعضاء دائمين بمجلس الأمن، الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا، حوالي 22 دولة من مجموع 27 دولة في الإتحاد الأوربي بمن في ذلك إسبانيا المستعمر السابق للمنطقة وألمانيا والبرتغال، هذا الدعم الواسع ظهر جليا في قرار مجلس الأمن مساء الجمعة من خلال موافقة إحدى عشر دولة، بل إن إمتناع روسيا والصين وهما يمتلكان حق النقض، لا يمكن تفسيره سياسيا سوى بدعم المغرب ومضمون قرار مجلس الأمن، أما إمتناع باكستان فلا يمكن فهمه سوى من خلال حساسية إسلام آباد من العلاقات بين المغرب والهند، خاصة أن نيودلهي تمثل زبونا تقليديا للفوسفات المغربي وكذلك ما عرفه التعاون العسكري بين البلدين حيث تم تدشين مصنع للمدرعات ببرشيد قبل أيام، وهو تعاون يتضمن نقل التكنلوجيا العسكرية. هذا الزخم الدولي حول السردية المغربية بخصوص الصحراء، انعكس بوضوح  في موضوعي السيادة والحل الذي تمثله مبادرة الحكم الذاتي الذي راهنت الجزائر على الزمن من أجل قتلها، لكنها عادت بقوة كطائر الفنيق... 

رابعا - الخصوم يعيشون في عالم منفصل عن الواقع

في هذا الإطار أثار الملك محمد السادس التناقضات التي يعيش فيها خصوم المغرب، مع تسليط الضوء على جوانب ذات أبعاد تاريخية ظل مسكوتا عنها، وكذلك توظيف البعض قضية الصحراء للتغطية عن الأوضاع الداخلية (...).

 في زاوية التناقضات أشار الخطاب الملكي إلى أن هناك  من يطالب بالاستفتاء، رغم تخلي الأمم المتحدة عنه منذ الإقرار بفشل مسلسل التسوية في بداية التسعينات من القرن الماضي، واستحالة تطبيقه، لكن ذات الطرف الذي أفشل مسلسل تحديد هوية من يحق لهم التصويت في الاستفتاء، يرفض مجرد السماح بإحصاء المحتجزين بمخيمات تندوف الذين يقدمهم كلاجئين دون تمكينهم من الحد الأدنى من حقوقهم التي تحددها الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وبدلا عن ذلك يقول الملك محمد السادس "يأخذهم كرهائن، في ظروف يرثى لها، من الذل والإهانة، والحرمان من أبسط الحقوق"، هذه النقطة حسمها مجلس الأمن من خلال الدعوة إلى إحصاء ساكنة تيندوف لوضع حد لمنطق الدروع البشرية الذي تعاملت به البوليساريو والجزائر مع ساكنة مخيمات الحمادة التي تضم خليطا من الصحراويين المغاربة والجزائريين والموريتانيين والماليين، وهو مطلب مغربي وأممي امتد لسنوات. 

وفي ما يتعلق بالمسكوت عنه، قال الملك محمد السادس بشكل واضح، أن "هناك من يستغل قضية الصحراء، للحصول على منفذ على المحيط الأطلسي"، ويعلم الجميع أن هذا حلم رواد حكام الجزائر منذ عقود،  وكان من مشمولات اتفاقية الحدود بين البلدين ومنها ما هو مضمن في ملحق اتفاقية الاستغلال المشترك للحديد الموجود في غارة جبيلات وتصديره عبر المحيط الأطلسي، الملك قال بوضوح وفي رسالة تحمل أكثر من معنى :" نحن لا نرفض ذلك؛ والمغرب كما يعرف الجميع، اقترح مبادرة دولية، لتسهيل ولوج دول الساحل للمحيط الأطلسي، في إطار الشراكة والتعاون، وتحقيق التقدم المشترك، لكل شعوب المنطقة"، بمعنى أن المغرب منفتح بعمق استراتيجي أكبر من حدوده الشرقية، وأن المصالح الاقتصادية المشتركة يمكن أن تكون بديلا عن التسويات السياسية التاريخية الشجاعة التي لم تنجح القيادات الجزائرية على مدى عقود في تحقيقها، لأنها لا تتحرك بمنطق المصالح المشتركة و رابح رابح، بل تنطلق من حساسايات شخصية ونفسية يلعب فيها التاريخ دورا بارزاً، بالإضافة إلى فشل مشروع بناء الدولة الوطنية في الجزائر القائمة على هوية واضحة ووضوح تلك الهوية يقوم أساسا على الإقرار بوقائع التاريخ كما هي بدل تحويلها إلى عقد تقود السياسة... 

رسائل الخطاب الملكي لم تقتصر على الجارة الشرقية، بل كان للاتحاد الأوروبي نصيب منها أيضا، خاصة عندما قال الملك محمد السادس على أن "هناك كذلك من يريد الانحراف بالجوانب القانونية، لخدمة أهداف سياسية ضيقة" وذلك في إرتباط بقرار محكمة العدل الأوربية ساعتها والذي أسقط الأقاليم الجنوبية للمملكة من الاتفاقيات الفلاحية وتلك المتعلقة بالصيد البحري التي تجمع المغرب بالاتحاد الأوروبي، مجيبا بوضوح وحزم أن "الشراكات والالتزامات القانونية للمغرب، لن تكون أبدا على حساب وحدته الترابية، وسيادته الوطنية" وهو ما استوعبه الأوربيون جيدا .

خامسا - مسؤولية الأمم المتحدة 

التشخيص السابق ووضوح الرؤية التي عبر عنها الملك محمد السادس، ستتواصل عندما وجه الحديث بشكل مباشر إلى منظمة الأمم المتحدة، التي تحولت إلى مجرد غرفة للتسجيل وسرد وإعادة سرد ما تعبر عنه الأطراف بصيغ إنشائية لا تأخذ بعين الاعتبار مسؤولية الأطراف وضرورة كشف مسؤوليتهم أمام الرأي العام الدولي وترتيب ما يجب ترتيبه من جزاءات وما يجب اتخاذه من قرارات، وفي ذلك يقول الملك "لقد حان الوقت لتتحمل الأمم المتحدة مسؤوليتها، وتوضح الفرق الكبير، بين العالم الحقيقي والشرعي، الذي يمثله المغرب في صحرائه، وبين عالم متجمد، بعيد عن الواقع وتطوراته". وهذا ما استجابت له الأمم المتحدة في أقل من سنة لتفتح مسارا جديدا يكرس السيادة المغربية على الصحراء.

ملاحظة: خضع المقال لبعض التعديلات بالنظر إلى سياق صدوره بالتزامن مع صدور قرار مجلس الأمن الدولي مساء أمس الجمعة.



إقــــرأ المزيد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتزويدك بتجربة تصفح جيدة ولتحسين خدماتنا باستمرار. من خلال مواصلة تصفح هذا الموقع، فإنك توافق على استخدام هذه الملفات.