-
22:42
-
22:22
-
22:00
-
21:40
-
21:18
-
20:51
-
20:00
-
19:25
-
19:20
-
19:15
-
19:00
-
18:40
-
18:23
-
18:18
-
18:00
-
17:22
-
17:00
-
16:42
-
16:30
-
16:10
-
15:15
-
15:07
-
14:50
-
14:38
-
14:38
-
14:36
-
14:19
-
13:49
-
13:40
-
13:21
-
13:03
-
12:43
-
12:22
-
12:15
-
12:03
-
11:39
-
11:23
-
11:02
-
10:35
-
10:16
-
09:34
-
09:19
-
08:53
-
08:38
-
08:20
-
08:02
-
07:39
-
07:19
-
07:01
-
06:54
تابعونا على فيسبوك
المردودية الاستثمارية في المغرب: أرقام قياسية ونتائج هزيلة
في الوقت الذي يجمع فيه الخبراء على أن الاستثمار هو قاطرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، تُطرح تساؤلات جوهرية حول مدى جدوى الاستثمارات في المغرب، ومدى مساهمتها الفعلية في النمو، التشغيل، والعدالة المجالية.
ورغم الزخم الذي شهده المغرب خلال السنوات الأخيرة من حيث حجم الاستثمارات وضخ الموارد العمومية، إلا أن الأثر الحقيقي لهذه الاستثمارات يظل محل جدل واسع، خاصة أمام ضعف المردودية العامة، واستمرار اختلالات سوق الشغل، وتراجع القيمة المضافة المحلية.
الاستثمار سنة 2024.. حضور قوي للدولة وتراجع المبادرات الخاصة
وبلغ حجم الاستثمارات الإجمالية في المغرب خلال سنة 2024 ما يفوق 410 مليارات درهم، منها حوالي 335 مليار درهم استثمارات عمومية، أي ما يعادل 75 في المائة من إجمالي الجهد الاستثماري الوطني، مقابل 85 مليار درهم فقط كاستثمار خاص.
ويعكس هذا التوزيع استمرار هيمنة الدولة على النشاط الاستثماري، رغم الخطابات المتكررة حول دعم المبادرة الخاصة وتوسيع قاعدة المستثمرين الوطنيين والدوليين، ورغم العديد من
الإجراءات التحفيزية التي تم اتخاذها لتشجيع القطاع الخاص.
الاستثمار الأجنبي: أرقام دون طموحات
فيما يخص الاستثمارات الأجنبية المباشرة، سجل المغرب تدفقًا بلغ حوالي 23 مليار درهم سنة 2024، مقارنة بـ 21,5 مليار درهم سنة 2023. ورغم هذا التحسن الطفيف، تظل الأرقام بعيدة عن أهداف الاستراتيجية الوطنية لجذب الاستثمارات، خصوصا أن المغرب لا يستقطب سوى 0,4 في المائة من تدفقات الاستثمارات العالمية الموجهة للأسواق الناشئة.
ولفت مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي، في ورقة بحثية توصل موقع "ولو" بنسخة منها، إلى أن هذا التحدي يضع المغرب في موقع متأخر مقارنة بدول أفريقية منافسة مثل رواندا ومصر، ويطرح تساؤلات حول جاذبية بيئة الأعمال الوطنية، ونجاعة السياسات المعتمدة في هذا المجال.
خلل هيكلي وتحديات مقلقة
وأضاف المصدر ذاته أن رغم ضخامة الموارد المرصودة، فإن العائد الاقتصادي للاستثمار في المغرب لا يرقى إلى التوقعات، حيث تتطلب كل نقطة نمو في الناتج الداخلي الخام استثمارا يعادل ما بين 7 إلى 9 وحدات، مقابل 3 إلى 4 وحدات فقط في دول مثل تركيا أو فيتنام.
ويُعرف هذا المؤشر باسم معدل المردودية الحدية لرأس المال (ICOR)، الذي ظل مستقرا في حدود 9,4 خلال السنوات الأخيرة، ما يعني أن تحقيق نسبة 1 في المائة من النمو يتطلب ضخ استثمارات تمثل 9,4 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
وهذا يعني أن الاقتصاد الوطني يستهلك استثمارات كثيرة لتحقيق نمو محدود، في ظل ضعف تحويل هذه الاستثمارات إلى قيمة مضافة حقيقية، أو إلى فرص شغل مستدامة، مما يفرغ الفعل الاستثماري من أثره التنموي العميق.
اختلال في توجيه الاستثمارات
وتسجل المردودية حسب الوثيقة ذاتها، اختلافات كبيرة حسب القطاعات، حيث تحقق بعض الأنشطة الصناعية التصديرية، خاصة في مجال السيارات والطيران، نسب نمو ملحوظة وصادرات قوية، لكنها لا تخلق نفس القدر من مناصب الشغل أو لا تدمج بشكل عميق في النسيج الوطني، في حين تظل قطاعات مثل الفلاحة التقليدية، والصناعة الغذائية، والحرف الصغيرة، ذات مردودية ضعيفة رغم ما تحظى به من دعم مالي وتحفيزات جبائية، مما يعكس خللا في منظومة توجيه الاستثمار، وغياب ربط صارم بين الموارد المحفزة والمردودية الميدانية.
وتبقى المعضلة الأساسية في محدودية أثر الاستثمار على التشغيل، إذ رغم تزايد حجم الاستثمارات في قطاعات متنوعة، إلا أن معدل البطالة لا يزال مرتفعا، حيث سجلت سنة 2024 نسبة 13,3 في المائة على المستوى الوطني، وتجاوزت 33 في المائة في صفوف الشباب الحضري، ويعزى ذلك إلى تركيز المشاريع الكبرى على التقنيات الحديثة والأنشطة الرأسمالية أكثر من اليد العاملة، مما ينتج نموا غير دامج، ويوسع الفجوة بين المؤهلين وغير المؤهلين، ويضعف أثر الاستثمار على الفئات الهشة والمناطق النائية.
وتُظهر الدراسات أن كلفة خلق منصب شغل قار في المغرب تتجاوز 500 ألف درهم، خاصة في المشاريع الصناعية الكبرى، وهو رقم مرتفع نسبيا، يعكس ضعف استهداف القطاعات ذات الكثافة الشغلية العالية، كما يعكس غياب التقاطع بين السياسات الاستثمارية وسياسات التكوين المهني، حيث لا تزال الفجوة قائمة بين ما تنتجه الجامعة والمعاهد، وما يتطلبه السوق من كفاءات، مما يُضعف قابلية التشغيل، ويحد من قدرة الاستثمار على استيعاب العرض البشري الوطني.
في المقابل، فإن مساهمة الاستثمار في تعزيز السيادة الإنتاجية تبقى محدودة، إذ أن جزءا كبيرا من الاستثمارات يتجه نحو أنشطة التجميع والتصدير، دون بناء سلاسل إنتاج وطنية متكاملة، أو توطين الصناعات الأساسية، مما يجعل الاقتصاد المغربي رهينا بالتقلبات الخارجية، كما أن نسبة الاندماج المحلي في بعض القطاعات الصناعية لا تتجاوز 40 في المائة، ما يحد من القيمة المضافة الوطنية، ويبقي المغرب في موقع المقاول من الباطن بدل الفاعل الصناعي الكامل.
الاستثمار والبحث العلمي: فرص مهدورة
كما أن ارتباط الاستثمار بالبحث العلمي لا يزال ضعيفا، حيث لا تتجاوز مساهمة القطاع الخاص في تمويل البحث العلمي 0,2 في المائة من الناتج الداخلي الخام، في حين أن المعدل العالمي يصل إلى 1,5 في المائة، وهو ما يؤكد غياب استراتيجية وطنية لربط الابتكار بالإنتاج، ويضيع فرصا كبيرة لتطوير منظومات صناعية وطنية قادرة على المنافسة، كما يقلص من مردودية الاستثمار على المدى المتوسط والبعيد، في غياب الحوافز الكافية للمقاولات للاستثمار في المعرفة والتكنولوجيا.