فرنسا...إلغاء المعهد الوطني للاستهلاك
صادق مجلس الشيوخ الفرنسي، على إلغاء المعهد الوطني للاستهلاك (INC)، منهياً بذلك مسيرة مؤسسة عامة تاريخية لعبت دورًا محوريًا في تقديم المعلومات وحماية حقوق المستهلكين على مدى عقود. يأتي هذا القرار بعد إعلان الحكومة قبل نحو عام عن رغبتها في إيجاد مُشغّل لمجلة «60 مليون مستهلك»، الوسيلة الإعلامية الرئيسية التابعة للمعهد.
وتأسس المعهد عام 1966 لدعم منظمات المستهلكين وتقديم معلومات مستقلة، وحصل في 1990 على صفة مؤسسة عامة صناعية وتجارية. لكنه شهد تدهورًا ماليًا تدريجيًا، إذ انخفضت المنح العامة من 3.8 مليون يورو في 2012 إلى 1.8 مليون يورو في 2020، ما حدّ من قدرته على التطور، خاصة في الانتقال الرقمي، في وقت تواجه فيه الصحافة الورقية تحديات كبيرة. ومن المقرر تصفية المعهد رسميًا في مارس المقبل، وسط عدم وضوح مستقبل مجلة «60 مليون مستهلك»، على الرغم من اهتمام جمعية UFC-Que Choisir الخاصة بالانتقال بها.
إلغاء المعهد أثار ردود فعل قوية من شخصيات عامة ومنتخبين وفاعلين في المجتمع المدني، الذين اعتبروا القرار غير متوافق مع التحديات الاقتصادية والتجارية الحالية. وكتب الموقّعون في صحيفة «لوموند» أن القضاء على سلطة مضادة يُضعف الديمقراطية، مشيرين إلى أن المجلة مثلت نصف قرن من النضال من أجل مستهلك واعٍ وقادر على الفعل.
خلال مسيرته، لعب المعهد دورًا مركزيًا في الكشف عن فضائح عدة، شملت المنتجات الغذائية، مستحضرات التجميل، ظروف الرعاية الصحية، والممارسات الجائرة في العقارات. كما رصد المخاطر الجديدة المرتبطة بالتجارة الإلكترونية، من بينها ظواهر الدروبشيبينغ والـ«أنماط المظلمة» التي تؤثر على قرارات الشراء، وحقق في شركات عالمية للموضة السريعة مثل شيين وتيمو، مركزًا على سلامة المنتجات وحماية البيانات الشخصية.
نهاية المعهد تطرح تساؤلات حول دور الدولة في حماية المستهلكين وتوفير معلومات مستقلة، خصوصًا في ظل بيئة تجارية معقدة وعولمة متزايدة. وحتى مع استمرار مجلة «60 مليون مستهلك» تحت إشراف جهات أخرى، يبقى النقاش حول مكانة السلطة المستهلكة في الهيكل الفرنسي العام مفتوحًا، ما يجعل من إلغاء المعهد حدثًا رمزيًا يثير اهتمام المراقبين والجمهور على حد سواء.