- 14:06برنامج مبارايات الجولة 5 من دوري أبطال أوروبا مع التوقيت
- 13:53هذا ما قررته المحكمة بخصوص ولد الشينوية
- 13:45تأجيل محاكمة حامي الدين في قضية مقتل آيت الجيد
- 13:32كلاسيكو الرجاء والجيش دون جمهور
- 13:22حزب "الشمعة" يشيد بقرار الجنائية الدولية ويطالب بوقف التطبيع
- 13:02متابعة.. الإمارات تعتقل مشتبهين في قتل حاخام إسرائيلي
- 12:43هل ستتغير أجور القطاع الخاص بعد التخفيض الضريبي ؟
- 12:24كوكاس: الهذيان العصابي لعبد المجيد تبون وعقدة الملكية والمغرب لدى حاكم الجزائر
- 12:05صدام مغربي في دوري أبطال أفريقيا
تابعونا على فيسبوك
تقرير للأستاذة "أسماء هاشم" حول "الجاحظ: إبدالات الكتابة والتلقي والتأويل"
خلال متابعتها لفعاليات الندوة الدولية التي نظمها مختبر البحث في الثقافة والعلوم والآداب العربية بكلية عين الشق جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء، حول موضوع "الجاحظ (255ه): إبدالات الكتابة والتلقي والتأويل"، أكدت الأستاذة "أسماء هاشم" في تقريرها أن المختبر اختط لنفسه مسارا ثقافيا متميزا، حيث تعدد الندوات العلمية، وتنوع موضوعاتها، والتي تصب جميعها في تثمين دور الطلبة الباحثين وتمرينهم لولوج عالم البحث العلمي مسلحين ببناء نظري معرفي رصين، وعدة منهجية وإجرائية قادرة على مقاربة مختلف القضايا الثقافية والمعرفية التي يقترحها المختبر في إطار تنظيم ندواته العلمية.
وفي هذا السياق، شهدت كلية الآداب والعلوم الإنسانية عين الشق، مؤخرا، عرسا ثقافيا، شارك فيه ثلة من الأساتذة الذين تعددت جنسياتهم حتى كادت تلامس جغرافية الوطن العربي على امتداده (مصر وغزة فلسطين والأردن و الإمارات العربية المتحدة وتونس)، رابطهم المقدس حاجاتهم إلى مدراسة الأدب العربي كما عبر عن ذلك الناقد المغربي "عبد الفتاح كيليطو" (الأدب العربي يحتاجني بقدر ما)، وقد تكون الحاجة أكثر إلحاحا عندما نكون في حضرة الأديب والمفكر "أبي عثمان الجاحظ"، الذي تشكل فعل الكتابة وصناعة التأليف لديه وفق مسارات نسقية متنازعة ومتداخلة مستوعبة لمختلف المعارف والعلوم في سيرورات أجناسية عميقة الصلة بالخلق و الإبداع، لذلك واستجابة لسحره الإرث الأدبي والنقدي، تم اختيار وسم "الجاحظ (255ه): إبدالات الكتابة والتلقي والتأويل".
انطلق برنامج الندوة في يومه الأول بترتيل آيات من الذكر الحكيم، تلتها كلمات افتتاحية تناوب على إلقائها كل من السيد العميد د. "الحسن بوتكى"، ورئيس شعبة اللغة العربية وآدابها د. "عبد الهادي الدحاني"، والسيد مدير المختبر د. "عبد الإله تزوت"، الذين توافقوا حول وجاهة النبش في التراث، واكتناز ما يزخر به من تجارب مضيئة تراوغ الزمن وتنسل دالة على الإبداع خارجا عنه في سياق يحاور الحداثة العالمية.
شهدت الجلسة العلمية الأولى عددا من المدخلات القيمة التي اتسعت حدودها لترسم مسارت متقاطعة ومتوازية، تجالس الحاجظ في لحظة تأمل محاورا عقلانيته وأبعاد فكره الكوني. كما تكشف عن شعريته التي توارت خلف آلية الاستشهاد والتمثيل المعتمدة في سياق مرافعاته الحجاجية، بل وتجعله في موضع مقارنة مع الأديب المعاصر "موليير"، لما يشكله من رؤية بيانية كشفت عن قدراته اللغوية وبنائها المنطقي. ليتم اختتام الجلسة بحفل شاي.
هذا وقد سارت الجلسة العلمية الثانية بتسيير د. "أحمد نضيف" على نفس الألق في مقاربة الإرث الجاحظي باعتباره مادة غنية تفتح شهية النقاد العرب كما المستشرقين لتظل بطابعها النسقي الشامل أكثر قدرة على التفاعل الإيجابي مع مختلف المناهج بما في ذلك البنيوية التكوينية، على أن بلاغة "الجاحظ" بسحرها وقوتها الإقناعية، تجعل الناقد ييمم وجهه نحو ملاحقة التأويل البلاغي الذي اتسمت بها مناظرات هذا المفكر، كذلك مقاربته لثنائية اللفظ والمعنى، وفي الأخير يسدل الستار عن هذه الجلسة من خلال النظر في فلسفته الأخلاقية لما تزخر به كتاباته من مواقف أخلاقية ورؤى تعيد النظر في السلوك الإنساني.
ومع آخر جلسات اليوم الأول والتي أوكلت مهمة تسييرها للدكتورة "فتيحة بلعباس" افتتح أطوارها د. "إحمد الصمدي"، الذي جعلنا ننصت بشغف لمحاولات الجاحظ التأسيس للتنظير الشعري العربي، لتبقى حصة الأسد من نصيب الدرس اللساني من خلال اقتفاء أثر قراءة الجاحظ في الخطاب اللساني العربي، وجهوده ضمن الدرس الصوتي واللغوي المعياري، وكذا التحليل اللساني. دون غض الطرف عن أرائه النحوية وآثاره الكلامية، إلى جانب تفوقه في سرد الحكايات متمثلا بنية قصصية متماسكة.
لقد كان لتنوع معارف الجاحظ باعتباره أديبا موسوعيا الأثر على مختلف المداخلات التي تميزت بالتنوع وحاولت متابعة الرجل بلاغيا وشعريا ولغويا وقصصيا وفلسفيا ولسانيا، وهذا ما أرخى بظلاله على المناقشة والتي سمحت بإثراء النقاش حول هذه الجهود والمقاربات التي قدمتها، كما أوحت بأهمية مقارعة هذا الإرث من أجل بناء مشروع أدبي ونقدي ينطلق من الثقافة العربية وينتهي بين أحضانها.
أما اليوم الثاني، فله سمته الخاصة حيث حرص المختبر على إعطاء الفرصة لأكبر عدد ممكن من الطلبة الباحثين من أجل سبر أغوار الفكر الجاحظي، لذلك تم تأطير جلسات علمية بشكل مواز، إذ احتضن مدرج "أبي شعيب الدكالي" جلستين علميتين: الأولى من تسيير "فاطة يحياوي" والتي انصبت في محور اللغة والحجاج بما في ذلك دراسة لسانية للبخلاء فيما يخص النصي وإنتاج المعنى، إلى جانب مقاربة العلامة اللغوية عند الجاحظ. وفي سياق آخر ركزت المداخلات على تحليل البناء الحجاجي عند المتكلمين، ومنزلة حجج القائل في مشروع الجاحظ البلاغي، ومقاربة المناظرة باعتبارها آالية تأويلية تتأسس على الحجاج و التأويل.
فيما يخص الجلسة الثانية التي تم تسييرها من طرف د. "أسماء كويحي"، وقد سارت على نفس النهج حيث التركيز على الحجاج في ضوء المشروع الجاحظي والإختيارات الكلامية، دون تجاوز عقلانية المعرفة في كتاب " الحيوان" في سياق مقاربة البيان عند الجاحظ في علاقته بالروافد الفكرية والبلاغة الأجنبية. بموازاة ذلك فقد شهدت قاعة الدكتوراه جلستين علميتين أطرتا ضمن محور الأدب والنقد.
الجلسة العلمية الأولى، كان التسيير فيها من نصيب د. "سعيد أصيل" وخلالها ركز الطلبة الباحثون على مقاربة الموروث الأدبي والجهود النقدية الجاحظية، ومن هنا كان الإشتغال حول تلقي هذه الإنجازات من رؤية استشراقية، كما تم الكشف عن خصوصية هذا الأدب من منطلق دراسة السرديات الكبرى والصغرى، وشروط الخطاب ومقتضيات التلقي، من جهة أخرى ملامسة أثر الجاحظ في فن الترسل السعدي، وكذا تأثيره في بناء المعنى وتأويله في رسالة التربيع والتدوير، ولم يكن غائبا تلقي الجاحظ ضمن كتابات الناقد "عبد الفتاح كيليطو".
الجلسة العلمية الثانية، من تسيير د. "أحمد زنيبر" والتي سارت في منحى دراسة الخطاب المقدماتي، والرؤية البيانية عند الجاحظ في ضوء المنهج السوسيولوجي، إضافة إلى مقاربة ثقافية لكتاب البخلاء، وتداخل الأجناس الأدبية ضمن هذا المؤلف النقدي، ومدارات تلقي النصوص الجاحظية والجهود التي قدمت في هذا السياق مما سمح بكشف المفهوم الشعري من خلال البنية والوظيفة.
أخيرا واقتفاء لسنة تداول الأفكار، ومناقشة الأوراق المقدمة، افتتح د. "تزوت" هذه الفسحة النقدية بالتأكيد على أهمية الانخراط في المشاركة ضمن مختلف الندوات العلمية المقترحة بما يضمن صقل شخصية الباحث، وتمكينه من أليات البحث العلمي الرصين، وفي سياق ذلك أشاد د. "عبد الباسط لكراري" بالورقات العلمية المقدمة حيث وجه الباحثين من خلال مداخلته إلى بعض المراجع التي قد تكون مفيدة في مقاربة المواضيع المقترحة، كذلك د. "رشيد الركيبي" الذي أوزع بأهمية امتلاك الباحث الجرأة في اقتحام النص الجاحظي، ووسم الدراسة بطابعه الخاص.
ليكون مسك الختام مع د. "فيصل الشرايبي" الذي حاول استحضار عدد من الاشكاليات التي يوحي بها الإرث الجاحظي دون أن تلقى من يميط اللثام عنها، ولعل أهمها جهود هذا المفكر في صياغة أسس نظرية التلقي ضمن البيئة العربية، كذلك اهتمامه بعلم العنونة... خاتما مداخلته بنشر روح الثقة ضمن صفوف الطلبة الباحثين لما عبروا عنه من جرأة علمية في ولوج عالم الفكر الجاحظي.