X

تابعونا على فيسبوك

وجهات نظر عبر العالم... الدبلوماسية الملكية تخترق حصون الخصوم في إفريقيا.. و ترامب يثير حفيظة المسلمين

الاثنين 11 دجنبر 2017 - 08:16
وجهات نظر عبر العالم... الدبلوماسية الملكية تخترق حصون الخصوم في إفريقيا.. و ترامب يثير حفيظة المسلمين

بقلم: فهد صديق

 ظلت العلاقات بين المغرب وجنوب إفريقيا لسنوات يطبعها التوتر والفتور، بسبب موقف الأخيرة الخطير من قضية الصحراء المغربية، ودعمها اللامشروط لجبهة "البوليساريو" الإنفصالية، ناهيك عن لعبها دور الزعامة في إفريقيا، ما أدخل البلدين في طريق مسدود.

فما سر التحول إذن في العلاقات المغربية - الجنوب إفريقية؟ وكيف استقبل خصوم الوحدة الترابية هذه الخطوة؟ أسئلة وأخرى سنعالجها في هذا التقرير من خلال استحضار آراء محللين ومراقبين وخبراء في الميدان.

عودة الدفئ للعلاقات المغربية - الجنوب إفريقية:

 في ظل السياسة الإفريقية الجديدة التي بدأ ينتهجها الملك محمد السادس منذ سنوات، وأنهى من خلالها سياسة "الكرسي الفارغ" عبر إحداث إختراقات غير مسبوقة في جبهة الدول الداعمة ل"البوليسايو"، وضمنها نيجيريا ورواندا وإثيوبيا.

جاء الدور هذه المرة على "بلاد مانديلا"، التي تعد أقوى الدول المؤيدة للجبهة الإنفصالية بعد الجزائر، و ذلك حين التقى جلالة الملك بنظيره الجنوب إفريقي جاكوب زوما، على هامش مشاركتهما في أشغال القمة الخامسة للاتحاد الإفريقي - الإتحاد الأوروبي المنعقدة  بالعاصمة الإيفوارية أبيدجان، بعد قطيعة دبلوماسية دامت 13 سنة نتيجة اختلاف الرؤى بشأن قضية الصحراء المغربية، حيث قرر قائدا البلدين الرقي بإطار التمثيلية الدبلوماسية من خلال تعيين سفيرين من مستوى عال بكل من الرباط وبريتوريا، كما اتفق القائدان على الحفاظ على اتصال مباشر والإنطلاق ضمن شراكة اقتصادية وسياسية خصبة، من أجل بناء علاقات قوية ودائمة ومستقرة، وبالتالي تجاوز الوضعية التي ميزت العلاقات الثنائية لعدة عقود.

ويرى محللون متخصصون في الشؤون الإفريقية، أن تحصن جنوب إفريقيا لسنوات في الجانب المعادي لقضية المغرب الأولى "أسهم في جمود العلاقات الإقتصادية بين البلدين على حساب استثماراتهما في القارة السمراء كقطبين رئيسيين وواعدين"، كما أن "عودة المغرب إلى بيته الإفريقي أسهمت في التقارب وتصفية الأجواء بين البلدين، والإنطلاق من العلاقات التاريخية التي تسجل أن المملكة أول بلد دعم جنوب إفريقيا في ثورتها ضد سياسة الميز العنصري، من خلال المساعدات التي أرسلتها الرباط إلى بلد نيلسون مانديلا منذ الخمسينيات".

واعتبر المحللون، أن تطبيع العلاقات بين المغرب وجنوب إفريقيا، يؤشر إلى تغير إستراتيجي في العلاقات بين دول الإتحاد الإفريقي، ما من شأنه أن يحمل معه تداعيات إيجابية في ملفات عديدة بالقارة السمراء، كما من شأنه أن يحمل آفاقا واعدة في مستقبل علاقات البلدين السياسية والإقتصادية.

وفي هذا الصدد، أشار الدكتور "رشيد لزرق"، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الدستورية والبرلمانية، إلى أن عودة العلاقات بين الطرفين، يرجع إلى السياسة الخارجية التي يسلكها المغرب والمبنية على التعاون الإقتصادي والبراغماتية. 

وأضاف المحلل السياسي، أن "اتجاه الملك إلى استقبال جاكوب زوما، هو استحضار لضرورة التعاون بين الطرفين وتأسيس علاقات جديدة تقوم على البراغماتية خاصة أن القارة الإفريقية تعرف صعود قيادات جديدة متحررة من البعد الإيديولوجي الذي كان سائدا في السابق". مؤكدا أن "هذا الأمر سيجعل جنوب إفريقيا تتأثر بالطرح المغربي على مستوى الفضاء الإفريقي، ودعم مقترح الحكم الذاتي في أزمة الصحراء".

واستطرد الدكتور "لزرق"، بالقول إن "البلدين يتوفران على إمكانات كبيرة لتعزيز تعاونهما، و المضي في تقوية الشراكة والعلاقات الإقتصادية بينهما في العديد من القطاعات، لتحقيق التكامل الإقتصادي في إطار شراكة رابح - رابح مع بلدان القارة".

أما أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض "عبد الفتاح البلعمشي"، فأكد على أن الإتفاق الذي توصل إليه جلالة الملك وجاكوب زوما، يعد "مؤشرا إيجابيا". ومضى يقول "جنوب إفريقيا ترى بواقعية الدينامية التي يخلقها المغرب داخل الإتحاد الإفريقي، خصوصا على مستوى تطوير العلاقات الثنائية مع كثير من دول القارة".

وأوضح الدكتور "البلعمشي"، أن جنوب إفريقيا "لا يمكن لها أن تصطدم أكثر مع المغرب، خصوصا أنهما يحملان التوجه الإقتصادي نفسه داخل القارة، عكس التوجه الجزائري الذي يسعى إلى الهيمنة و بقي حبيس الصراع السياسي، بخلاف التوجه المغربي الذي عبر عنه الملك محمد السادس في الرسالة الموجهة إلى القمة الأورو - إفريقية، والتي خلت من أية إشارات سياسية وركزت على الترافع الجماعي لخدمة القارة الإفريقية".

في الجهة المقابلة و على غير عادتها، التزمت الجزائر و دميتها "البوليساريو" الصمت اتجاه اللقاء الذي جمع الملك محمد السادس، برئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما، بالرغم من أن الأخيرة تعتبر حليفتهما الأولى في القارة السمراء.

وبحسب مراقبين، أن ذلك مرده إلى وقع صدمة المفاجآت التي خلقها الملك محمد السادس، في قمة أبيدجان، ووضعه يدا في يد مع الرئيس الجنوب إفريقي للعمل سويا من أجل التوجه نحو مستقبل واعد، لاسيما أن البلدين يشكلان قطبين هامين للإستقرار السياسي والتنمية الإقتصادية، كل من جهته، بأقصى شمال وأقصى جنوب القارة. 

ترحيب جنوب إفريقي بعودة المياه لمجاريها:

 بعد طي المغرب وجنوب إفريقيا القطيعة بينهما عقب لقاء أبيدجان، وأيضا صفحة التوتر مع أنغولا، التي شكلت لعقود مع ممثلة جنوب القارة، أحد أكبر المناوئين للمملكة ولوحدة ترابها. 

رحبت كل مكونات السلك الدبلوماسي في جنوب إفريقيا و على رأسهم جاكوب زوما، بهذه الخطوة الإيجابية التي ستفتح صفحة جديدة في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، مؤكدا على أهمية تعزيز العلاقات مع المغرب، البلد الإفريقي الذي قدم دعما كبيرا لكفاح شعب جنوب إفريقيا ضد نظام الفصل العنصري "الأبارتيد".

وقال زوما، في حوار صحفي له، إن "المغرب بلد إفريقي نحتاج إلى علاقات معه". مضيفا أن المغرب قرر تعيين سفير في بريتوريا، كإشارة أولى على رغبة البلدين في الرقي بإطار التمثيلية الدبلوماسية بكل من الرباط و بريتوريا. 

واستطرد الرئيس الجنوب إفريقي بالقول: "لم نواجه أبدا أي مشكلة" مع المغرب، مذكرا بأن المغرب كان واحدا من البلدان التي زارها الرئيس السابق "نيلسون مانديلا"، من أجل البحث عن الخبرة العسكرية في أوائل سنة 1960 وأيضا من أجل تدريب مناضلي "أومكهونتو ويه سيزويه" (الجناح المسلح لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي)، مؤكدا "أنهم (المغاربة) ساعدونا كثيرا".

وفي هذا الشأن، اعتبرت "ليزل لو ء فودران"، الخبيرة الجنوب إفريقية في قضايا القارة السمراء، أن استقبال الملك محمد السادس للرئيس زوما، يمثل "حدثا بارزا يؤشر على مستقبل واعد للعلاقات بين المغرب وجنوب إفريقيا، عملاقي القارة الإفريقية".

وأوضحت المحللة في معهد الدراسات الأمنية ببريتوريا، أن الإستقبال الملكي يعتبر "تطورا تاريخيا" في العلاقات بين البلدين، مضيفة أن اللقاء، إلى جانب القضايا التي أثيرت في المحادثات، سيكون له تأثير جد مهم على تطور العلاقات بين البلدين. مبرزة أن عودة المغرب إلى الإتحاد الأفريقي مهدت الطريق للرفع من مستوى التمثيلية الدبلوماسية بين البلدين.

وتابعت الخبيرة الجنوب إفريقية، أن "الإتحاد الإفريقي، الذي يوجد في موقف حرج نوعا ما خصوصا على مستوى التمويل وإصلاح هياكله، سيكون رابحا من هذا التقارب بين المغرب و جنوب إفريقيا"، مشيرة إلى أن "تعاونا جيدا وتفاهما جيدا بين البلدين أمر مصيري بالنسبة للإتحاد الأفريقي". 

وخلصت المتحدثة ذاتها، إلى أن المغرب، الذي نجح في تعزيز حضوره في العديد من القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، خصوصا في إفريقيا الفرنكفونية، يمكنه أن يقدم دعما قيما للشركات الجنوب إفريقية التي تواجه صعوبة كبيرة في اختراق هذا الجزء من القارة نتيجة عدة عوامل، لافتة إلى أن جنوب إفريقيا يمكنها أن تضطلع بالدور نفسه لفائدة المغرب في إفريقيا الجنوبية. كما أن المشاريع المشتركة بين البلدين يمكن أن تمثل حقيقة دعامات لشراكة "رابح - رابح" بين المغرب وجنوب إفريقيا.

وعلى صعيد آخر، و في تطور خطير للقضية الفلسطينية أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، و بشكل رسمي إختيار القدس كعاصمة لإسرائيل، هذا الأمر أجج مشاعر الغضب لدى الأمة الإسلامية والمغربية على وجه الخصوص، ودفع بجلالة الملك محمد السادس، باعتباره رئيسا للجنة القدس، لمراسلة الرئيس الأمريكي، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، عبر خلالها عن قلق المملكة المغربية وقلق المجموعة الإسلامية التي يمثلها جلالته، وعن الرفض لهذه الخطوة و تأثيراتها الخطيرة على المنطقة.

وشدد جلالة الملك، على أن مدينة القدس تشكل أهمية قصوى، ليس فقط بالنسبة لأطراف النزاع، بل لدى أتباع الديانات السماوية الثلاث. "فمدينة القدس، بخصوصيتها الدينية الفريدة، وهويتها التاريخية العريقة، ورمزيتها السياسية الوازنة، يجب أن تبقى أرضا للتعايش، وعلما للتساكن والتسامح بين الجميع".

وأكد جلالته، على أن "المساس بالوضع القانوني و التاريخي المتعارف عليه للقدس، ينطوي على خطر الزج بالقضية في متاهات الصراعات الدينية والعقائدية، والمس بالجهود الدولية الهادفة لخلق أجواء ملائمة لاستئناف مفاوضات السلام. كما قد يفضي إلى مزيد من التوتر والإحتقان، وتقويض كل فرص السلام، ناهيك عما قد يسببه من تنامي ظاهرة العنف والتطرف".

وأشار رئيس لجنة القدس، إلى أن المغرب حريص دوما على استتباب سلام عادل وشامل في المنطقة، وفقا لمبادئ الشرعية وللقرارات الدولية ذات الصلة، و أن المغرب ليس لديه شك في ولا في إلتزام ترامب بالسلم والإستقرار بالمنطقة، وعزمه الوطيد على العمل لتيسير سبل إحياء مسلسل السلام، وتفادي ما قد يعيقه بل ويقضي عليه نهائيا.

 من جهته، استنكر رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، هذه الخطوة الأمريكية الخطيرة، مؤكدا أن المغرب "كان وسيظل دائما داعما لحقوق الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل تأسيس دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف"، مشددا على أن هذا الأمر "خط أحمر لا يمكن التساهل فيه أو التراجع عنه".

ودخل الإتحاد الإفريقي على خط أزمة القدس، معربا عن قلقه البالغ إزاء قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الإعتراف بها كعاصمة لإسرائيل.

وقال الإتحاد الإفريقي على لسان رئيس مفوضيته "موسى فكي محمد"، إن "القرار يفاقم من التوترات في منطقة الشرق الأوسط و غيرها، و يزيد من تعقيد المساعي الرامية لإيجاد حل للصراع الإسرائيلي ء الفلسطيني". مؤكدا "تضامن الإتحاد الإفريقي مع الشعب الفلسطيني ودعمه في سعيه المشروع لإقامة دولة مستقلة ذات سيادة و عاصمتها القدس الشرقية".

ودعا رئيس المفوضية الإفريقية، إلى "تجديد الجهود الدولية لإيجاد حل عادل و دائم لهذا الصراع، على أساس حل الدولتين، إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنبا إلى جنب فى سلام وأمن، في إطار الإعلانات والبيانات ذات الصلة الصادرة عن الإتحاد الإفريقي والأمم المتحدة".

غضب عربي من قرار "ترامب" بشأن القدس:

 ما إن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قرار إعترافه بالقدس المحتلة عاصمة للكيان الإسرائيلي و بدء إجراءات نقل سفارة بلاده اليها، حتى دعت قوى سياسية فلسطينية في بيانات منفصلة و تيارات شبابية، إلى الإنتفاضة الشعبية والتظاهر أيام الأربعاء والخميس والجمعة، باعتبارها أيام غضب على قرار "ترامب".

وعبرت القوى الفلسطينية، عن إدانتها ل"قرار ترامب الأرعن و غير المسؤول"، معتبرة أن "هذا القرار يجعل الإدارة الأمريكية شريكة في خرق القانون الدولي وفي جريمة ضم أراضي القدس المحتلة بالقوة و في التساوق مع الإحتلال الإسرائيلي ويلغي أي دور لها في ما يسمى بعملية السلام".

وأشارت إلى أن "قرار ترامب يجهض ما يسمى بصفقة القرن قبل ولادتها، ويؤكد الإنحياز الأمريكي الكامل للاحتلال الإسرائيلي وأن قراراتها تؤخذ بإملاء اللوبي الإسرائيلي، وهي قرارات تجعل الولايات المتحدة معزولة دوليا فيما يخص قضية فلسطين".

من جانبه، اعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، القدس عاصمة لإسرائيل يمثل إعلانا بانسحاب الولايات المتحدة، من ممارسة الدور الذي كانت تلعبه خلال العقود الماضية في رعاية السلام.

وأوضح الرئيس الفلسطيني، أن قرارات ترامب تشجع إسرائيل على سياسية الإحتلال والإستيطان. مضيفا أن هذه الإجراأت تصب في خدمة الجماعات المتطرفة، التي تسعى لتحويل الصراع في منطقتنا إلى حرب دينية.

وأكد أبو مازن، أن هذه اللحظة التاريخية ينبغي أن تشكل حافزا إضافيا للجميع لتسريع و تكثيف الجهود لإنهاء الإنقسام، و استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية ضمانة انتصار شعبنا في نضاله من أجل الحرية و الإستقلال. مشيرا إلى أن "قرار ترامب لن يغير من واقع مدينة القدس، ولن يعطي أي شرعية لإسرائيل في هذا الشأن، كون القدس مدينة فلسطينية عربية مسيحية إسلامية، عاصمة دولة فلسطين الأبدية".

من جانبها، استنكرت الدول العربية في اجتماع طارئ لوزراء خارجيتها، قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مؤكدة أنه "باطل" و"لا أثر قانوني له".

وطالبت الدول العربية على لسان وزراء خارجيتها، الولايات المتحدة بإلغاء قرارها هذا، محذرة إياها من أنها "عزلت نفسها كراع و وسيط في عملية السلام". وشددت أيضا، على أن هذا القرار "مدان" و"مرفوض"، و هو "يقوض جهود تحقيق السلام ويعمق التوتر ويفجر الغضب ويهدد بدفع المنطقة إلى هاوية المزيد من العنف والفوضى وإراقة الدماء وعدم الإستقرار".

واعتبر "أحمد أبو الغيط"، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، أمر "مستنكر ومرفوض ولا يمكن تبريره تحت أي ذريعة".

وأضاف أمين عام الدول العربية، أن القرار الأمريكي يعتبر شرعنة للإحتلال وإجازة فرض الأمر الواقع بالقوة، مؤكدا أنه يدفع الجامعة العربية لإعادة النظر في مسار عملية السلام. داعيا دول العالم أجمع، للإعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس ردا على القرار الأمريكي.

ويرى محللون سياسيون عرب، أن قرار الرئيس الأمريكي بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس هو الأسوأ في التاريخ الأمريكي، لما لذلك من انعكاسات خطيرة على قضية العرب والمسلمين، التي استمرت لسنوات عدة.

وفي هذا الإطار، قال الدكتور "عبد العزيز بن صقر"، رئيس مركز الخليج للأبحاث، إن "تبني ترامب نقل السفارة الأمريكية سيشجع التطرف والنشاطات الإرهابية ضد أمريكا والمعسكر الذي تتبناه، ويثبت أن إيران على حق من موقفها من الولايات المتحدة الأمريكية، لأن الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل يمس كل المسلمين والعرب".

بدوره، أوضح المحلل السياسي الدكتور "محمد مسعود القحطان"، أن قرار ترامب تلقى ردود فعل كبيرة لدى العالم العربي و الإسلامي، باعتباره الأسوأ في التاريخ الأمريكي، وقد أغضب القرار العالم بأكمله، إذ تجاهل كل التحذيرات من تقويض فرص السلام في المنطقة. واصفا القرار بأنه خاطئ، وسيعمل على زيادة التوتر في المنطقة وينذر بمستقبل غامض ومجهول لا يمكن معرفة تداعياته.

وعلى نفس المنوال، دأبت تركيا التي نددت بالقرار الأمريكي، واصفة إياه ب"غير المسؤول"، ودعت واشنطن إلى إعادة النظر في هذا التحرك.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن القرار الأمريكي يشكل ضربة كبيرة لمجلس الأمن الدولي، الذي تعد الولايات المتحدة من أبرز الفاعلين فيه.

وأضاف أردوغان بالقول: "القدس قرة عيوننا، وقبلتنا الأولى، و ليعلم الجميع أن القدس خط أحمر بالنسبة لنا ول1.7 مليار مسلم حول العالم". مؤكدا أنه لا يمكن ترك القدس تحت رحمة دولة تمارس إرهاب الدولة ضد الفلسطينيين منذ أعوام. ولا يمكن ترك مصير القدس بأيدي دولة احتلال تغتصب الأراضي الفلسطينية دون أي اكتراث بالقوانين والأخلاق منذ عقود.

كما دخلت كوريا الشمالية، العدو الأول للولايات المتحدة، على خط هذه القضية، مؤكدة أن ذلك "يستحق بشكل كبير إدانة دولية ورفضا، حيث أنه يعتبر تحديا صريحا، وإهانة للشرعية الدولية وللإرادة الجماعية للمجتمع الدولي".

وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية في بيونغ يانغ: "إننا ندين بشدة هذا التصرف الأمريكي، و نعبر عن دعمنا و تضامننا القوي مع الفلسطينيين والشعوب العربية الأخرى في استعادة حقوقهم المشروعة".

 من جهته، عبر زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، عن رفضه لقرار ترامب. مضيفا "لا توجد دولة اسمها إسرائيل، حتى تصبح القدس عاصمة لها".

استياء و قلق دولي من الخطوة الأمريكية:

 عقب إصدار القرار الأمريكي القاضي بتحويل القدس من يد الفلسطينيين لليهود، أعربت الأمم المتحدة و عدة دول في مجلس الأمن عن قلقها وأسفها تجاه هذه الخطوة، التي ستحدث تحولات خطيرة في منطقة الشرق الأوسط.

ففي جلسة طارئة بمجلس الأمن الدولي لبحث هذا القرار، قال منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط "نيكولاي ميلادينوف"، إنه لا بديل عن حل الدولتين، معربا عن قلقه من احتمالات العنف بعد قرار ترامب.

وحذر المسؤول الأممي، من مخاطر شديدة من احتمال حدوث تصرفات أحادية الجانب "تبعدنا عن السلام"، داعيا الجميع لضبط النفس والحوار والإمتناع عن التصعيد.

أما الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، فاعتبر أن إعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، يخاطر بالجهود المبذولة للتوصل إلى حل الدولتين.

و أوضح غوتيريس، أن "القدس ستظل مكانا لتعدد الديانات، ونقدر أهميتها لدى الكثيرين عبر القرون الماضية"، مضيفا "سأبذل قصارى جهدي لإقناع القادة الإسرائيليين والفلسطينيين للعودة للمفاوضات".

وانتقدت المجموعة الأوروبية في مجلس الأمن إضافة إلى ألمانيا، قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن القدس، مؤكدة أنها لن تعترف بسيادة أي دولة على المدينة التي تعتبرها جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلىة.

وقال السفراء الأوروبيون في بيان، إن القرار الأمريكي "لا يتفق مع قرارات مجلس الأمن، ولا يفيد آفاق السلام في المنطقة، داعين إلى ضرورة تحديد وضع القدس من خلال مفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين تؤدي إلى اتفاق الوضع النهائي، وهذا هو الموقف الثابت للدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي".

وشدد البيان الأوروبي، على أنه "تماشيا مع القانون الدولي، و قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ولا سيما القرارات 476 و478 و2334، نعتبر القدس الشرقية جزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأن حدود الدولتين تقوم على أساس خطوط 4 يونيو 1967، أو بمقايضات مماثلة للأراضي يمكن الاتفاق عليها بين الطرفين".

من جهتها، حذرت وزيرة خارجية الإتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، من أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، يمكن أن يعيد المنطقة إلى "أوقات أكثر ظلمة من التي نعيشها الآن"، داعية كل الأطراف إلى "التحلي بالحكمة وعدم التصعيد".

وأشارت الدبلوماسية الأوروبية، إلى أن "موقف الإتحاد الأوروبي واضح و موحد"، مؤكدة أن "الحل الواقعي الوحيد للنزاع بين إسرائيل وفلسطين، يرتكز على أساس دولتين مع القدس عاصمة لدولة إسرائيل ودولة فلسطين".

وعلى عكس باقي دول الإتحاد، أعلنت جمهورية التشيك اعترافها بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل، مشيرة إلى أن نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس "سيحصل بالإستناد إلى نتائج مفاوضات تجريها مع شركاء رئيسيين بالمنطقة والعالم".

ووصف الرئيس التشيكي ميلوش زيمان، رد فعل الإتحاد الأوروبي ب"الجبان، لأنه يقوم بكل شيء لكي يعلو تيار إرهابي مؤيد للفلسطينيين على تيار مؤيد للإسرائيليين". حسب تعبيره.

"ترامب" يضرب عرض الحائط المواثيق الدولية:

 منذ دخوله البيت الأبيض سعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، للظهور بمظهر الرئيس التاريخي للولايات المتحدة القادر على اتخاذ القرارات السياسية المصيرية التي تحافظ على المصالح الوطنية الأمريكية.

وهذا الأمر تجلى في عديد الخطوات على غرار (القصف الأمريكي لسوريا، فرض عقوبات على إيران، التصعيد مع بيونغ يانغ، الإنسحاب من إتفاق باريس للمناخ...)، وكان آخرها إعلانه الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهو الأكثر إثارة على اعتبار أنه نقطة تحول في الموقف الأمريكي تجاه قضايا الصراع العربي - الإسرائيلي، والقضية الفلسطينية على وجه التحديد وخاصة فيما يتعلق بمدينة القدس، التي اعتبرتها الولايات المتحدة على مدار العقود الماضية مدينة متنازع عليها تخضع لمفاوضات المرحلة النهائية.

واعتبر محللون أمريكيون، أن اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، ينسف عملية السلام.

وفي هذا السياق، قال "إيلان غولدنبرغ"، مدير برنامج الأمن في الشرق الأوسط بمركز الأمن الأمريكي الجديد بواشنطن، إن "ترامب يقوض جهوده الخاصة للسلام"، موضحا أن هذا القرار "سيؤدي في أفضل السيناريوهات إلى نسف الوساطة الأمريكية في أوج تحليقها".

وأضاف غولدنبرغ: "في أسوأ السيناريوهات سيترافق مع مظاهرات عامة و أعمال شغب كبرى"، معربا عن ثقته في أنه "لا إسرائيل ولا وسطاء البيت الأبيض كانوا يطالبون بخطوة مماثلة في المرحلة الراهنة".

أما الخبير في الشؤون الأمريكية "جورج حجار"، فأكد أن أمريكا منحازة إلى إسرائيل، ووجهت بقرارها هذا صفعة لمنظمة التحرير الفلسطينية في ما يسمى "مشروع التسوية". 

وأوضح المحلل السياسي، أن "ما شجع ترامب هو الوهن العربي والإنشقاقات والتشرذم، الذي جعل الغرب يفعل ما يشاء بالنسبة لقضايانا الوطنية والقومية، والقصة ليست جديدة بل منذ 70 سنة منذ انفراط الوحدة العربية في عام 1961، لكن القيادات العربية لم تقتنع بعد". مشيرا إلى أن "العالم العربي يعيش حالة انحدار لا سابق له".

وعليه فالموقف الأمريكي المثير للجدل تجاه القدس، والذي يمثل تجاوزا لقواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، ليس وليد اليوم فهو يعود إلى 22 عاما، حين صادق الكونغرس الأمريكي في 23 أكتوبر 1995، على قانون يسمح بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، والإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وأعطى الحرية للرئيس بالتوقيع عليه لإقراره، ولم يفعل أي من الرؤساء السابقين ذلك في فترات حكمهم، إلى أن جاء ترامب الذي أعلن نيته التوقيع على هذا القرار، المعروف باسم "قانون السفارة في القدس"، ليدخل حيز التنفيذ، وذلك في تحد صارخ للمجتمع الدولي الذي يعتبر القدس الشرقية محتلة.


إقــــرأ المزيد