X

تابعونا على فيسبوك

خبير استراتيجي: المغرب لم يعد متساهلا في قضية وحدته الترابية.. ولا يقبل النفاق السياسي

الاثنين 24 ماي 2021 - 10:00
خبير استراتيجي: المغرب لم يعد متساهلا في قضية وحدته الترابية.. ولا يقبل النفاق السياسي

كتب "محمد بنحمو"، رئيس المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية، مقالا تحليليا تحت عنوان "إسبانيا وعقدة الخطر القادم من الجنوب"، وذلك على خلفية التطورات التي شهدتها العلاقات مع إسبانيا بعد استقبال لزعيم ميليشيا "البوليساريو" على ترابها بهوية مزورة.

وقال بنحمو، إن المغرب اليوم لم يعد يقبل النفاق السياسي وازدواجية المعايير، ولم يعد متساهلا في قضية وحدته الترابية، كما عبر عن ذلك جلالة الملك محمد السادس في خطابه السامي بمناسبة الذكری الـ17 لعيد العرش المجيد بالقول: "لن نرضخ لأي ضغط، أو محاولة ابتزاز في قضية مقدسة لدى جميع المغاربة"، على اعتبار أن قضية الصحراء موضوعا وجوديا للمملكة وعلى رأس أولوياتها الإستراتيجية. مشيرا إلى أنه لا يكاد يصفو الجو العلاقات المغربية مع الجارة الشمالية حتى تفتعل أزمة أخرى، مبرزا أنه بعد معاكستها لترسيم المغرب حدوده البحرية، ومعارضتها الإعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء تحت ذرائع متعددة، انتقلت إسبانيا إلى مستوى آخر في معاكسة المصالح الإستراتيجية للمغرب، تحت ذريعة الظروف الإنسانية.

وبحسب رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية، فإن المغرب، وفي كل أزمة، يحاول التعامل بكثير من الحنكة الدبلوماسية، حيث عبر عن الكثير من الرزانة والتأني المصحوب في الوقت نفسه بالصرامة الدبلوماسية في تعامله مع الحكومة الأسبانية بعد استقبالها لزعيم ميليشيا "البوليساريو" الإنفصالية المتهم بإرتكابه جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بتنسيق مع المخابرات الجزائرية، ضاربة عرض الحائط الشراكة الإستراتيجية التي تجمعها مع المغرب على جميع المستويات، مع سبق الإصرار والترصد لأن الدواعي الإنسانية تقتضي مراعاة حسن الجوار، وليس الخبث والتستر بوثائق مزورة على مجرم حرب وزعيم جماعة تحمل السلاح ضد المملكة. معتبرا أن الحكومة الإسبانية تحاول اليوم تحميل المسؤولية للمغرب في المأساة الإنسانية التي حدثت في المدينة المحتلة التي تعتبرها داخل نطاق حدودها، في ازدواجية المعايير في الشراكة مع المغرب معتقدة أنها علاقة انتقائية، موضحا أنه كلما تعلق الأمر بالتآمر مع الجزائر و"البوليساريو"، تصاب الحكومة الإسبانية بـ"الزهايمر" تجاه المغرب، وعندما يتعلق الأمر بالهجرة أو الإرهاب تتذكر أنه شريكها الإستراتيجي.

وعن رد فعل الإتحاد الأوروبي، أشار الخبير الإستراتيجي، إلى أنه "في الوقت الذي كان منتظر أن يسلك (الإتحاد الأوروبي) موقفا أكثر رزانة بالنظر إلى العلاقات الإستراتيجية التي تجمعه مع المغرب، اختار الإصطفاف إلى جانب إسبانيا في الأزمة المفتعلة، وذلك بالتصريحات التي عبر عنها نائب رئيس المفوضية الأوروبية، "مارغريتس شيناس"، التي يمكن اعتبارها بمثابة "ردة الفعل التي أزاحت القناع وكشفت عن الوجه الخفي للإتحاد الأوروبي في تعامله مع المغرب حيث يعتبره شريكا استراتيجيا متى تعلق الأمر بمصالحه، في مقابل ضبابية المواقف عندما يتعلق الأمر بمصالح المغرب". وأردف أنه يجب قراءة ما وراء السطور في ما ورد في تصريحات "مارغريتس شيناس" بأن "أوروبا لن يخيفها أحد"، كما هو الشأن بالنسبة للأزمات التي تفتعلها الجارة الشمالية، والتي زادت حدتها بعد الإعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وتزايد الأدوار الإستراتيجية التي أصبح المغرب يلعبها على المستوى الإقليمي والدولي تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك، حيث أصبح قوة لا يستهان بها على جميع المستويات.

واعتبر المتحدث ذاته، أن الجارة الشمالية "ما زالت تعيش في عصور غابرة حيث كان بإمكانها التأثير في استقرار بلدان أخرى والتدخل في شؤونها الداخلية بشكل مباشر أو غير مباشر، وإن كان ينجح مع بعض البلدان"، مؤكدا أن ما لم تستوعبه إسبانيا هو أن المغرب لا يمكن أن يكون راعيا لمصالح أي أحد، ولن يقبل أن يكون دركيا حارسا لحدود أي دولة. "فإما أن تكون الشراكة مبنية على أسس واضحة ومصالح متبادلة، وإما أن يتحمل كل مسؤولياته عما ينتج عن قراراته من عواقب". وواصل حديثه بأن المغرب استطاع اليوم، بفضل حنكته الدبلوماسية وذكائه الأمني، أن يفرض لنفسه مكانة محترمة في المنتظم الدولي، وأصبح صمام أمان الإستقرار في محيطه الإقليمي ككل، بالنظر إلى الإضطرابات التي تشهدها الجارة الشرقية التي تحاول تصدير أزماتها إلى الخارج، وخطر الجماعات الإرهابية القادم من الساحل الإفريقي. وخلص إلى القول إن المغرب بلد يحترم مسؤولياته تجاه شركائه متى كانت مسؤولية متبادلة واضحة الأسس والأهداف، ومعروف بمواقفه الرزينة والعقلانية، ولكن متى تعلق الأمر بالمصالح الإستراتيجية للوطن، فإنه لا يقبل الإزدواجية والضبابية في المواقف.

وفي سياق متصل، أكد المحلل السياسي الإسباني، "إدواردو إيندا"، في عمود نشر أول أمس السبت، على صفحات يومية "لاراثون"، أن استقبال إسبانيا لزعيم ميليشيات "البوليساريو" الإنفصالية، المدعو "إبراهيم غالي"، يعد "مهزلة عالمية" تضع الحكومة الإسبانية في وضعية صعبة.

وقال إيندا، المدير السابق لصحيفتي "إلموندو" و"ماركا"، إن الحكومة الإسبانية من خلال فعل "أرعن" ويتسم بـ"عدم النضج"، لم تقس بشكل جيد تداعيات "إيواء" زعيم "البوليساريو"، المتورط في أعمال "الإبادة الجماعية والمغتصب". مشيرا إلى أنه كان يتعين على الحكومة الإئتلافية التي يقودها الإشتراكي "بيدرو سانشيز"، القيام بحساباتها والتفكير على نحو جدي في أن هذا السلوك "ستترتب عنه عواقب".

وشدد المحلل السياسي الإسباني، على أن "الأمر يتعلق بخطأ جيوستراتيجي"، مبرزا أهمية حفاظ إسبانيا على علاقات جيدة مع المغرب. وزاد بالقول: "من الواضح لجميع الحكومات الديمقراطية أن المغرب يعتبر بلدا مهما بالنسبة لإسبانيا، ولربما الأهم"، منتقدا قرار بلاده المتعلق باستقبال شخص مدان على حساب علاقاتها مع المغرب، وخلص إلى القول إن هذه الأزمة "تكلفنا كثيرا. كثيرا جدا".


إقــــرأ المزيد