- 18:48نهضة بركان يحصد مليوني دولار بعد التتويج بكأس الكونفدرالية الأفريقية
- 18:41قرعة كأس العرب 2025..المغرب يواجه السعودية في المجموعة الثانية
- 17:35هيئة حقوقية تناشد جلالة الملك للعفو عن النقيب زيان في العيد
- 17:04دهس في مطعم بأكادير.. توقيف سائق مخمور وثلاثة متورطين
- 16:21جلالة الملك يهنئ نهضة بركان بالإنجاز القاري
- 16:20الأميرة للا مريم تشرف على توقيع اتفاقيات جديدة لتعزيز حقوق الطفل
- 16:00نبيل بنعبد الله يستنكر تعثر ملتمس الرقابة ويؤكد استعداد حزبه لدعم الشباب السياسي
- 15:40تقرير .. حزب الاستقلال يتصدر نوايا التصويت وسط تراجع الثقة في الأحزاب السياسية بالمغرب
- 14:35مشروع الشركة الرياضية للرجاء.. تأجيل الحسم وسط إجماع على المبدأ وخلافات حول التفاصيل
تابعونا على فيسبوك
رمضان عند الرحل بجهة الشرق.. حياة بسيطة بطابع روحاني
في قلب بيئة شبه صحراوية مترامية الأطراف بجهة الشرق، يعيش الرحل أيام شهر رمضان المبارك في تناغم فريد مع الطبيعة وفق نمط عيش بسيط، يضفون عليه لمسة روحانية خاصة تبرز عمق ارتباطهم بالعادات والتقاليد الأصيلة.
ويبرز هذا الانسجام في تفاصيل حياتهم اليومية، حيث تتجلى قوة إيمانهم، وتمنح لحظاتهم خلال هذا الشهر الفضيل طابعا مليئا بالسكينة والرضا، وتصبح حياتهم شهادة حية على قوة الروح الإنسانية حين تمتزج بالإرث الثقافي والتقاليد التي توارثوها جيلا بعد جيل.
وتحمل ليالي رمضان، الباردة شيئا ما، في حياة الرحل، نكهة مميزة، إذ يجتمع أفراد العائلة حول نار هادئة، يتبادلون الحكايات عن أسفار الرحل وقصص الأجداد، ويتداولون حول أحداث يومهم، بينما تنبعث أضواء الفوانيس التقليدية، لتضفي على الأجواء رونقا خاصا.
فبجماعة أولاد غزيل، التابعة لدائرة عين بني مطهر بإقليم جرادة، يبدأ الرحل يومهم في رمضان مع تباشير الصباح الباكر، حين يخرج الرجال مع قطيع الماشية بحثا عن الكلأ والماء، فيما تنشغل النساء بتدبير شؤون الخيمة وتحضير مستلزمات اليوم. ورغم الظروف البيئية المتقلبة التي تميز هذه المنطقة، يواصلون صيامهم بصبر، مستمدين قوتهم من إيمانهم العميق.
حسن جبور، أحد الرحل بجماعة أولاد غزيل، يبدأ يومه مع بزوغ الفجر، حيث يقوم بإطلاق الماشية ورعايتها حتى الظهيرة، قبل العودة لأخذ قسط من الراحة استعدادا لجولة أخرى بعد العصر.
وقبيل موعد أذان المغرب، يحرص رفقة زوجته على توفير ما يلزم لإعداد وجبة الإفطار البسيطة، وجمع كل أفراد أسرته على مائدتها التي تتكون أساسا من الحليب، والتمر، والشاي، والحريرة، وهي عناصر أساسية في موائد الرحل، إضافة إلى ما تتقنه نساؤهم من المخبوزات، التي يحضرنها مما توفر لديهن من مواد غذائية بسيطة.
ويوضح حسن جبور، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الرحل يحرصون على أداء الشعائر الدينية، وخاصة صلاة التراويح، في أوقاتها رغم بعدهم عن المراكز الحضرية والمساجد، حيث تقيم بعض العائلات خياما صغيرة للصلاة، فيما يلجأ آخرون إلى وسائل النقل المتوفرة للذهاب لأداء صلاة العشاء والتراويح في المساجد التي قد تبعد لكيلومترات.
وأشار في هذا الصدد، إلى أنه يجتمع مع أفراد عائلته بعد الإفطار وصلاة التراويح في حلقات يتلون فيها آيات الذكر الحكيم، في أجواء تملؤها الطمأنينة، حيث يناقشون أمورهم اليومية، ويخططون أيضا لمسارات القوافل الرعوية، في تقليد يعكس أهمية الحكمة الجماعية في تدبير الحياة البدوية.
من جهتها، تشير فاطنة جبور، إلى أن تحضيرات النساء خلال الشهر الفضيل تبدأ منذ الصباح، حيث يقمن بجمع الحطب، وإحضار الماء، وإعداد الخبز التقليدي، إلى جانب تحضير الحريرة، و"المسمن" أو "البغرير" لوجبة الإفطار.
وتؤكد أن وجبة السحور، تعتمد بدورها على مواد غذائية بسيطة كحليب الماعز والخبز والتمر، مشيرة إلى أن الاحتفال بليلة النصف من رمضان وليلة القدر، يتميز بطقوس خاصة، حيث يتم إعداد وجبة "بركوكش"، أو "التريد" بالدجاج البلدي، أو "الكديد"، حيث تجتمع حولها الأسر في تقليد يعكس ارتباطهم بموروثهم الثقافي العريق الذي توارثوه جيلا بعد جيل.
ورغم أن هذه الطقوس الرمضانية لا تخلو من تحديات، فإن قيم التعاون والتضامن تظل سائدة، حيث تتقاسم الأسر القريبة مواردها القليلة، في مشهد يجسد روح التآزر التي تطبع حياة البادية.
وفي هذا الصدد، أبرز الأستاذ بجامعة محمد الأول بوجدة، والباحث في التراث، جمال حدادي، أن حياة الرحل، خاصة في شهر رمضان، تقوم على تقسيم الأدوار داخل الأسرة، حيث يتولى الرجال رعي الماشية، وتتكفل النساء بتدبير شؤون الخيمة، بينما يشارك الأطفال في مهام يومية كجمع الحطب وجلب الماء، مما يساهم في تربيتهم على الاعتماد على الذات منذ الصغر.
وأضاف أن الرحل، ظلوا متمسكين بأسلوب حياتهم، حيث ي نظر إلى رمضان كمناسبة لترسيخ القيم الدينية والاجتماعية، وتعزيز الترابط العائلي، مبرزا أنه رغم بعدهم عن المساجد والمراكز الحضرية، فإنهم يحرصون على إحياء هذا الشهر بكل ما توفره لهم بيئتهم من إمكانيات.
واعتبر الأستاذ حدادي، أن الحديث عن الرحل هو حديث عن ثقافة ونمط حياة يرتكز على التنقل المستمر بحثا عن الكلأ والماء، مشيرا إلى أن هذه الفئة تواجه تحديات متزايدة بفعل التغيرات المناخية، مما أدى إلى هجرة بعض الأسر نحو المدن.
وأشار إلى أن الحاجة، باتت ملحة للحفاظ على ثقافة الرحل وتوثيق تراثهم، بما فيه عاداتهم الغذائية، ولباسهم التقليدي، والأساليب التي يستخدمونها للتكيف مع بيئتهم القاسية، حيث الرحل لا يمثلون مجرد أسلوب عيش، بل يشكلون جزءا مهما من الهوية الثقافية للجهة الشرقية.
وتعكس حياة الرحل في شهر رمضان، بكل ما تحمله من تحديات وطقوس، التعايش الفريد للإنسان مع بيئته، وتمثل أيضا تجسيدا حقيقيا لقيم التضامن والتكافل بين أفراد الأسرة والمجتمع.
وفي ظل الضغوط التي تواجهها هذه الفئة، من تغيرات مناخية، واقتصادية، واجتماعية، يبقى الأمل في إحياء هذا التراث، وحمايته من الانقراض، ليس فقط من خلال الدعم المستمر، بل من خلال الاعتراف بأهمية ثقافة الرحل، والحفاظ على نمطهم المعيشي، كجزء أساسي من هوية جهة الشرق.
تعليقات (0)