- 14:56عطب تقني يربك حركة ترامواي البيضاء
- 14:37العياشي فرفار: أخلاقي لا تتيح لي التقليل من رئيس الجلسة
- 14:03خط بحري جديد بين طريفة وطنجة ابتداءً من 8 ماي
- 13:23الحكومة تصادق على نقل حصص شركة فنسي إينرجي المغرب للفرع الفرنسي
- 12:21السكوري: خارطة طريق التشغيل ترتكز عل الطلب والعرض
- 12:03بالأرقام..موسم ناجح للزراعات السكرية بمنطقة الغرب
- 12:00هزة أرضية بقوة 4.6 درجات نواحي مراكش
- 11:42تأخر افتتاح المحجز الجديد بالرباط يطرح أكثر من علامة استفهام
- 11:36ضحايا الهدم يشتكون عدم الاستفادة من بقع أرضية
تابعونا على فيسبوك
"العلم يمنح الإنسان قوة أشبه بقوة الآلهة..." !
هل نحن مستعدون حقًا لمواجهة التحول الجذري الذي يمثله الذكاء الاصطناعي؟ هذه التكنولوجيا ليست مجرد تطور تقني، بل هي ثورة تعكس تطور الانسانية وتعيد تشكيل المجتمعات والأنظمة الاقتصادية. ولم يعد إدماجها في الاستراتيجيات الوطنية خيارًا، بل أصبح ضرورة تمليها مقتضيات السيادة والتنافسية. هذا الوعي كان واضحًا خلال النقاش من اجتماعات اللجنة البرلمانية الموضوعاتية حول الذكاء الاصطناعي، حيث ناقشنا محورين أساسيين هذا الأسبوع: سبل إدماج الذكاء الاصطناعي في استراتيجية "المغرب الرقمي 2030"، وآفاق الأخلاقيات والتعاون الدولي في هذا المجال.
يقول لوران ألكسندر: «العلم يمنح الإنسان قوة الآلهة. الإنسان سيعيد تشكيل الكون». تعكس هذه العبارة التفاؤل الكبير بالإمكانات التي يتيحها الذكاء الاصطناعي، إذ يمنح الإنسان قدرات لم يكن يتصورها. لكن هذه النظرة المتفائلة تصطدم بتحذيرات الفيلسوف مارتن هايدغر، الذي، في كتابه سؤال التقنية عام 1954، نبه إلى أن التقنية ليست مجرد أداة محايدة، بل تؤثر على طريقة تفكيرنا وتصورنا للعالم. فقد حذر من الوهم القائل بأن التقدم التكنولوجي يمنح الإنسان سيطرة مطلقة، بل إنه قد يجعله مجرد جزء في آلة تقنية تسلبه سيادته.
اليوم، مع التوسع المتسارع للذكاء الاصطناعي، تتزايد هذه المخاوف وتكتسب أبعادًا غير مسبوقة. لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة، بل أصبح يتعلم ويتطور ويتكيف مع محيطه. الإنسان، في سعيه لاستغلال هذه التقنية، يتصور أنه يعزز قوته، لكن إلى أي مدى ستستمر هذه السيطرة؟ ألا يوجد خطر بأن تستحوذ هذه التقنية، التي تمنحه اليوم قدرات غير مسبوقة، على زمام الأمور مستقبلاً؟ كلما واصل الإنسان تجاوز حدوده، زادت احتمالية أن يجد نفسه رهينة نظام يتجاوزه ويتحكم به بدلاً من العكس.
هذا التساؤل كان محور نقاشات اللجنة البرلمانية. لم يكن الهدف مجرد استعراض فرص الذكاء الاصطناعي، بل فهم كيف يمكن للمغرب أن يفرض نفسه كفاعل مؤثر ويضمن مكانته في هذا المجال المتسارع التحول. خلال نقاشاتنا، برزت عدة قضايا أساسية، أبرزها ضرورة وضع إطار قانوني واضح، وتأهيل الكفاءات الوطنية، وتعزيز التعاون الدولي، ودعم الشركات الناشئة في هذا المجال. لم تكن المناقشات مجرد حوار تقني، بل تأكيدًا على أهمية تبني هذه الثورة بطريقة واعية ومستقلة.
كما يبدو يأن المغرب، عبر مختلف الفاعلين في المنظومة التكنولوجية، يدرك تمامًا هذا التحدي. فالأمر لا يقتصر على امتلاك تقنيات الذكاء الاصطناعي، بل على توجيهها لتكون رافعة للتنمية بدل أن تصبح عاملًا للتبعية للآلة والتقنية. التحكم في هذه التكنولوجيا أصبح ضرورة، ففي عالم يعاد تشكيله بفضل الذكاء الاصطناعي، الدول التي تحسن توظيفه ستكتسب ميزة تنافسية حاسمة. لكن إذا كان الذكاء الاصطناعي يمنح الإنسان قدرات جديدة، فعليه أن يضمن ألا تنقلب هذه القوة عليه. المغرب، في قلب هذه التحولات، مطالب اليوم برسم مستقبله الرقمي برؤية شاملة، بحكمة وتخطيط استراتيجي.
في النهاية، يتردد صدى مقولة لوران ألكسندر بقوة في سياقنا الحالي: لقد منحتنا العلوم قدرات شبه إلهية، ولكن هل ندرك حقًا أبعاد هذا التحول؟ مع الذكاء الاصطناعي، ربما نكون قد فتحنا صندوق باندورا نحو مستقبل لا نحيط بكل أبعاده بعد. وإذا كان هايدغر يذكّرنا بأن التقنية تشكّل الإنسان بقدر ما يقوم الإنسان بتشكيلها، فهل ما زلنا نحن من يتحكم في مسار الأمور؟ الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقدم تقني، بل هو تغيير جذري في نمطية النموذج الفكري، يحمل في طياته رهانات مجهولة. وبينما يُعيد تشكيل موازين القوى، لا يكفي أن نوجّهه، بل علينا أيضًا أن نتساءل عن الأفق الذي يرسمه لنا. إلى أي مصير تقودنا هذه الثورة أو على حد أدنى هذا التطوّر؟
تعليقات (0)