Advertising
Advertising
  • الفَجر
  • الشروق
  • الظهر
  • العصر
  • المغرب
  • العشاء

تابعونا على فيسبوك

الخرجة غير الموفقة لنزار بركة انسلاخ عن الفكر العلالي وتنصل من المسؤولية الحكومية

الأربعاء 08 أكتوبر 2025 - 08:36

بقلم : وليد الميموني 

في سياق سياسي يتسم بكثير من التحديات والاضطرابات، جاءت الخرجة الإعلامية الأخيرة لنزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال ووزير التجهيز والماء، لتثير موجة من الاستغراب والانتقاد، سواء من داخل الأوساط السياسية أو من فئات واسعة من الرأي العام، خصوصًا الشباب.

هذه الخرجة، التي وُصفت بـ "غير الموفقة"، عكست، حسب عدد من المتابعين، ابتعادًا مقلقًا عن الهوية الفكرية والسياسية للحزب، كما أسهمت في تعميق صورة حزب يعيش أزمة تموقع وتوازن بين مسؤوليته الحكومية وطموحه في الحفاظ على شعبيته، في زمن تتغير فيه قواعد اللعبة السياسية والاجتماعية.

اذ منذ تأسيسه، ظل حزب الاستقلال مرجعية فكرية ووطنية بفضل الإرث الذي خلفه الزعيم علال الفاسي، من خلال ما يُعرف بـ "الفكر العلالي" الذي يجمع بين الوطنية الصادقة، والعدالة الاجتماعية، والهوية الثقافية.

غير أن تصريحات نزار بركة الأخيرة جاءت منفصلة عن هذا الامتداد الفكري، حيث بدا وكأنه يتبنى خطابًا براغماتيًا مفرغًا من العمق الأيديولوجي الذي ميّز الحزب لعقود.

ففي محاولته مسايرة الحراك الشعبي الشبابي، بدا الأمين العام مترددًا بين الانتماء إلى مدرسة سياسية أصيلة وبين اللهاث خلف لغة جديدة لا يتقنها، ما جعله يفقد التوازن السياسي والخطابي الذي طالما ميّز رجالات حزب الاستقلال.

الأكثر إثارة في هذه الخرجة هو ما اعتبره البعض تنصلًا من المسؤولية الحكومية. فرغم أن حزب الاستقلال يُعد أحد أركان التحالف الحكومي الحالي، فإن تصريحات نزار بركة حملت نبرة نقدية توحي وكأن الحزب في موقع المعارضة.

هذا السلوك يفتح الباب أمام تساؤلات مشروعة:

هل يسعى نزار بركة إلى التملص من كلفة القرارات الحكومية ؟

وهل أصبح الحزب يستغل موقعه في الحكومة لتصفية حساباته الداخلية أو إعادة بناء صورته الخارجية على حساب ميثاق الأغلبية ؟

أما ما بدا واضحًا هو أن خطاب "النقد من الداخل" فقد جزءًا كبيرًا من مصداقيته، حين يصدر عن قيادات تنفذ السياسات نفسها التي تنتقدها، في محاولة للركوب على المطالب أم رغبة في الفهم.

في حين لا تخفى على أحد الحركية الرقمية والسياسية لجيل Z، الذي كسر جدار الصمت عبر وسائط التواصل الاجتماعي، معبرًا عن غضبه من السياسات العمومية، وعن رفضه للخطاب السياسي التقليدي.

وفي هذا السياق، حاول نزار بركة، كما يبدو، التقرب من هذا الجيل، سواء عبر لغته أو عبر محاولات الإيحاء بالتفهم والانخراط في قضاياه.

لكن ما رآه البعض مبادرة محمودة، فسره آخرون بأنه ركوب سطحي ومناسباتي على موجة شبابية، دون أن يُترجم إلى سياسات فعلية أو مواقف جريئة.

فالتفاعل مع جيل Z لا يكون عبر الشعارات، بل عبر تمكين حقيقي، واعتراف بالأزمة، وإعادة بناء الثقة، وهو ما لم يُلمس في مضمون الخطاب الموجه لهم.

ليتضح بجلاء أن الخرجة الأخيرة لنزار بركة تُعيد إلى الواجهة أسئلة جوهرية حول مستقبل حزب الاستقلال، وهويته الفكرية، وقدرته على مواكبة المتغيرات دون التفريط في ثوابته.

فإذا كان الحزب قد بنى مجده على وضوح الرؤية وصلابة المرجعية، فإن ما نعيشه اليوم هو نوع من التيه السياسي، عنوانه الأبرز: التناقض بين القول والفعل، وبين الموروث العلالي وضرورات اللحظة.
ليبقى السؤال مفتوحًا:

هل نحن أمام أزمة قيادة ظرفية، أم أمام انسلاخ حقيقي عن الفكر العلالي ؟

وهل يمكن لحزب الاستقلال أن يستعيد وهجه ومصداقيته في ظل هذا التخبط ؟



إقــــرأ المزيد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتزويدك بتجربة تصفح جيدة ولتحسين خدماتنا باستمرار. من خلال مواصلة تصفح هذا الموقع، فإنك توافق على استخدام هذه الملفات.